شهدت مدينة طنجة انطلاق أشغال الدورة التكوينية الجهوية الثالثة حول استخدام أدلة الطب الشرعي في التحري والتحقيق في ادعاءات التعذيب، التي تنظمها رئاسة النيابة العامة بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية وبدعم من مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن.
وخلال كلمته الافتتاحية، التي ألقاها نيابة عنه الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة السيد هشام بلاوي، أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة على أهمية هذه المبادرة في تعزيز قدرات الفاعلين القضائيين والأمنيين في التعامل مع ادعاءات التعذيب وفق المعايير الدولية، ولا سيما بروتوكول إسطنبول في صيغته المراجعة لعام 2022.
تأتي هذه الدورة ضمن برنامج وطني موسع يهدف إلى تكوين القضاة وضباط الشرطة القضائية والأطباء الشرعيين في جميع أنحاء المملكة، حيث سبق تنظيم دورتين جهويتين في الرباط ومراكش استفاد منهما أكثر من 140 مشاركًا، فيما من المرتقب تنظيم دورة رابعة في فاس الأسبوع المقبل.
ويؤكد هذا التوجه التزام المغرب بتعزيز دولة القانون واحترام حقوق الإنسان، تماشياً مع ما ورد في الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة. في هذا السياق، ذكّر بلاوي بمقتضيات الفصل 22 من الدستور، الذي يحظر التعذيب بجميع أشكاله، والفصل 23 الذي يعزز ضمانات المحاكمة العادلة وحماية المعتقلين.
وأشار المسؤول القضائي إلى أن رئاسة النيابة العامة تولي أهمية قصوى لحماية حقوق الإنسان، حيث تخصص حيزًا من تقاريرها السنوية لمعالجة قضايا التعذيب وسوء المعاملة، إضافة إلى تفعيل المقتضيات القانونية التي تضمن منع هذه الممارسات، مثل تمكين المعتقلين من الفحص الطبي وعرضهم على الخبرة الطبية متى استدعى الأمر ذلك.
وأضاف بلاوي أن قضاة النيابة العامة يضطلعون بدور أساسي في هذا المجال، سواء من خلال مراقبة أماكن الاحتجاز، أو التفاعل مع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، أو التحقيق في الشكاوى ذات الصلة، مشيرًا إلى أن قانون المسطرة الجنائية ينص على إجراءات واضحة تضمن حقوق المحتجزين وتمنع أي انتهاكات.
إلى جانب القضاة المغاربة، تستفيد هذه الدورة من تأطير خبراء دوليين، بمن فيهم مشاركون في مراجعة بروتوكول إسطنبول، لضمان تقديم تكوين متكامل وعالي الجودة. كما يتضمن البرنامج دورات خاصة بالأطباء الشرعيين وتكوين المكونين، إضافة إلى إعداد دليل وطني لاستخدام أدلة الطب الشرعي في التحقيقات القضائية.
وفي ختام كلمته، وجه بلاوي شكره إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن على دعمهما لهذا البرنامج، مؤكدًا أن تعزيز قدرات القضاة والمحققين في هذا المجال يمثل خطوة مهمة نحو إرساء عدالة أكثر نجاعة واحترامًا لحقوق الإنسان في المغرب.