محمد فارس
منَعت حكومة [روتشيلد] التي يترأسها [ماكرون] في [فرنسا] مظاهرة مندّدة بعدوان [إسرائيل] في [فلسطين] المحتلّة، وقال وزيرُ داخليته إنّه لا يمكن السّماحُ بمظاهرة ضدّ [السّامية]؛ ونحن نقول له: [هل إذا كان الاحتلالُ منتسبًا إلى السّامية، فهل يجوزُ قبولُه أخلاقيا، وقانونيًا، وسياسيًا؟، فالاحتلالُ مرفوضٌ مهما كان أصلُه، فلماذا أنتم رفضتم الاحتلال النّازي إذن رغم أن أصله كان (الجنس المتفوِّق، يعني الجنس الآري، وقد أشاد به فيلسوفكُم (دي غُوبينُو) ومنه أخذَ الألمانُ فكرة التّفوق؟].. نحن اليوم، نُطلق اسم اليهودي بشكلٍ عام على كلّ شخص اعتنق يومًا الدّينَ اليهودي، والواقع أنّ الكثيرين من هؤلاء ليسوا سامِيين من حيث الأصل العِرقي، ذلك أنّ عددًا ضخمًا منهم منحدِرون من سلالات الهِيرودِيين أو الإيِدُوميين ذوي الدّم التّركي المنغولي؛ فأين هو إذن الجنسُ السّامي الذي تتوهّمونه؟
شرعتِ الأعراقُ غير السّامية والتّركية والفِنْلَندية في القدوم إلى [أوروبّا]، قادمةً من [آسيا] منذ القرن الأول الميلادي، عبْر الممرّ الأرضي الواقع شمال بحر [قزْوين]، ويُطلق على هذه الشّعوب الوثنية اسم [الخَرَز]، وقدِ استقَرّوا في أقصى الشرق من [أوروبّا]، حيث شكّلوا مملكةَ [الخَرَز]، ثمّ بسَطوا سلطانهم بواسطة الغَزوات المتكرّرة، حتى سيطروا في نهاية القرن الثاني على معظم المناطق الواقعة في [أوروبّا الشّرقية] غربي جبال [الأُورال]، وشمالي [البحر الأسود]، وقد اعتنَق [الخَرَزُ] اليهودية آنئذٍ، مفضّلين إيّاها على المسيحية أوِ الإسلام؛ بنَوا الكنائس، والمدارس لتعليم الدين اليهودي في سائر أنحاء مملكتِهم، وكان [الخَرزُ] إبّان ذِرْوة قُوّتِهم يُجْبون الجِزْيَة من خمسة وعشرين شعْبًا قهروهم.. وقد عاشت دولة [الخَرز] ما يُقارب الخمْسمئة عام، حتى سقطتْ في نهاية القرن [13] في أيدي الرُّوس الذين هاجموهم من الشّمال، وقد انتقلتِ الرُّوح الثّورية من [الخَرز] اليهود إلى الإمبراطورية الرّوسية، واستمرت حتى ثورة أكتوبر الحمراء سنة (1917).. إنّ غَزْو [الخَرز] الذينَ نُطلق عليهم اسم اليهود ليسوا بسامِيين، ولا علاقة لهم بالسّامية..
يذكُر المؤرّخون، أنّ هؤلاء اليهود الذين يُنْسبون كذبًا إلى السّامية، يذكرُ لنا التاريخُ أنّهم كانوا تجّارًا، وصرّافي النّقود، ولم يَقْتَصِروا في أعمالهم غيْر المشروعة على تجارة العبيد، بل كانوا ينظّمون ويَحتكرون التّجارات الفاسدة من مخدّرات، ودعارة، وتهريب الـمُسْكرات، والعطور، والجواهر؛ وتأمينًا لمصالحهم، وحمايةً لعملياتهم غير المشروعة، كانوا يلْجؤون إلى الرّشوة، وشراء ذمَم المسؤولين الكبار؛ وهكذا استطاعوا بواسطة المخدّرات، والـمُسْكرات، والنّساء، تقويض أخلاق الشّعوب.. ويسجّل التاريخُ أنّ [جوسْتينْيانوس] إمبراطور [روما]، لم يكُن بالقوة الكافية لوضع حدّ لتلك النّشاطات، ويرى المؤرّخ البريطاني [إدْوارد جيبون: 1737 ــ 1794] في التأثيرات الـمُفْسِدة للتّجار اليهود، ووصَفهم بأنّه كانت لهم يَدٌ طولى في انحطاط وسقوط الإمبراطورية الرّومانية، وكان هذا هو عنوانَ كتابه؛ وتحدّثَ [جيبّون] عن الدّور الذي لعبتْه [بوبابا] زوجة [نيترون] في التّمهيد لتلكَ الظّروف التي جعلتِ الشّعب الرّوماني ينظر كالمخمور بدون مبالاة إلى انهياره السّريع، وتحطّمِه، وبذلك دخلتْ [أوروبا] ما يدعوه المؤرّخون بِـ[العصور الـمُظلمة]؛ وما تعيشه [فرنسا] تحت نير [روتشيلد] لَخَيرُ دليل..
إن [إسرائيل] لا علاقةَ لها بما يسمّى [السّامية]؛ فهذه الدّولة العنصرية صهيونية، والصّهيونية ترتكز على إقامة المستوطنات؛ والمستوطناتُ هي تجمُّعات سكّانية لخلْق الأمرِ الواقع، وكان [روتشيلد] الذي تتحكّم أموالُه وأتباعُه وأزلامُه في مقدّرات [فرنسا] هو أوّل من موَّل المستوطنات في [فلسطين].. لقد طردتْ [فرنسا] اليهودَ سنة (1306)، إلاّ أنّ بعض المتموّلين، والمتنفّذين من اليهود، تَدبّروا أمرَ الحصول على ملاجئ وسكَن لهم في [بورْدو]، و[أَڤينْيُون]، وبعض الممتلكات البَابوية في [مَرْسيليا] وشمالي [الألزاس].. ويقول المؤرّخون إنّ [أوروبّا] لم تَستطعْ البدء بعصر النّهضة والازدهار، إلاّ بعد أن تمكّنتْ من تحرير نفسها من براثنِ السّيطرة الاقتصادية اليهودية.. وها هي [فرنسا] اليوم، تعود مجدّدًا إلى عصر الصّهيونية الـمُظلم، وصارت تروّج لأكاذيب السّامية، والهَيْكَل، وأرض الميعاد، فيما [إسرائيلُ] هي نَتاجُ الإمبريالية، والدّول الاستعمارية، والأنظمة العنصرية؛ لقد زوَّدتْها [فرنسا] بالسّلاح النّووي، ودعَّمتْها [أمريكا] اقتصاديًا وعسكريا، وجادت عليها [روسيا] بإبداعها (حقّ الڤيتو)؛ فلا غرابةَ إذا رأيتَ كلّ هذا الدّعم، والمساندة، وحِرمان الشّعوب من التّظاهر بدعوى [السامية] المزعومة..