الدكتور احمد درداري *
لقد دخل المغرب عصر الثورة الصناعية الرابعة، ببصمة منافسة على الصعيد الدولي وضعته على مسار صناعة الغد.
ويستثمر في تنمية الكفاءات والمهارات، خاصة في المجالات الخاصة بالتكنولوجيات الرقمية، مع التركيز على الابتكار ودمج التكنولوجيات الجديدة بسرعة لكي تظل قادرة على المنافسة. ذلك ان عالم تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي وضع الدول على محك الاقتصاد المستقبلي.
فالمغرب أمام نقلة نوعية لاستخدام التقنيات الجديدة لتحسين كفاءة الإنتاج الضخم المرتبطة بدمج الاعتبارات والمعايير الاجتماعية والبيئية، فالكفاءة الصناعية والإنتاجية هي المعيار لم تعد المعيار الوحيد الحاسم.
كما أن استراتيجيات التحديث الصناعي تتأثر بالعديد من العوامل مثل جودة التعليم ومستوى صناعة التعدين والطاقة وتطوير البحوث، حيث يمر العالم بمرحلة انتقالية مهمة وتحتاج إلى دقة التدابير لضمان القدرة التنافسية الاقتصادية.
والمغرب تواجهه تحديات ترتبط بالتنسيق بين السياسات العامة في المجالات التي تؤثر على التعليم والبحث العلمي. وتتطلب التحديات توحيد جهود كل الجهات الفاعلة ضمن استراتيجية صناعية متماسكة. لتنفيذ مبادرات المستقبل المتعلقة بالصناعة، وتعزيز نهج استباقي وإيجابي لتحديث الصناعة ومستقبلها التنافسي المحكوم بالرقمنة، وضمان الاستخدام الأخلاقي والآمن للتكنولوجيا، وتشجيع الشركات الصناعية على الاستثمار في التقنيات النظيفة والأكثر كفاءة.
1 – المغرب والولايات المتحدة
المغرب هو البلد الافريقي الوحيد الذي تجمعه مع الولايات المتحدة الامريكية اتفاقية تبادل حر المبرمة في 15 يونيو 2004 ودخلت حيز التنفيذ يناير 2006
العلاقات الديبلوماسية والسياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية هي اهم اوجه التعاون بين البلدين .
فالتجارة في مجال المنتجات الفلاحية والخدمات والصفقات العمومية والملكية الفكرية والسياسة البيئية، جعلت من المغرب اهم شريك تجاري لامريكا على مستوى القارة الافريقية، حيث وصل حجم الصادرات المغربية في السنة الماضية وصل 4,3 مليار درهم ، و الواردات وصلت 3,8 مليار دولار ، وان عدد الشركات الامريكية الموجودة في المغرب حوالي 150 شركة تعمل في محتلف قطاعات الابتكار ، وهذا ما جعل المغرب يدخل المنافسة الدولية بفضل الاستقرار وبنيته التحتية وعلاقاته الدبلوماسية. وقد اصبح جسرا اقتصاديا وسياسيا نحو افريقيا واوربا والشرق الاوسط
تقوم الشراكة المغربية الاوربية على ارساء علاقات متوازنة قائمة على الحوار و التبادل والتنمية، تحاكم لمبادئ حقوق الانسان.
2 – المغرب والاتحاد الاوربي
يعتبر التشاور والتفاهم والتقارب في طرح القضايا والاهتمامات واحترام مصالح المغرب وحقوقه كلها اسس الشراكة، وتضمن الوضع المتقدم للمغرب منذ 2008 ، مما يبين اهمية المغرب بالنسبة لاوربا سواء في المجال الامني ومحاربة الارهاب او في مجال تدبير و معالجة ملف الهجرة وغيرها من الأزمات اضافة الى الشراكة و التعاون في المجال التجاري والاقتصادي .
و ينطلق المغرب من تاريخه السياسي والدبلوماسي والتجاري لبناء الشراكات وتجديد العلاقات.
وبالنسبة للاتحاد الأوروبي معلوم ان المغرب يتوفر على علاقات مع الدول الاوروبية قبل انشاء الاتحاد وهي سابقة ولها اهميتها، ويعتبرها المغرب مرجعا مهما للعلاقات الثنائية مع الدول الاوربية.
وهذه العلاقات لا تغيب عند ابرام اتفاقيات شراكة مع مجموعة الاتحاد الاوربي. وطبقا للمبادئ التي تحكم الشراكات تم تحديد التزامات مهمة تتمثل في :
دعم الحماية الاجتماعية : التغطية الشاملة من خلال تعميم الحماية .
دعم التحول الاخضر: الشراكة الخضراء ودعم الجوانب البيئية.
اصلاح الادارة العمومية: تبسيط الاجراءات ورقمنة الادارة وتجويد الخدمات ..
تدبير الهجرة : حماية الحدود من تدفق المهاجرين ومكافحة شبكات التهريب واعادة المرشحين للهجرة الى بلدانهم وفق معايير حقوق الانسان.
تعزيز الامدماج المالي: تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة .
الطاقة الخضراء: وتحفيز الاقتصاد البيئي
التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار: وتعزيز دور الجامعة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ودعم الصناعة الثقافية .
اصلاح العدالة : وتعزيز سيادة القانون و تعزيز كفاءة واستقلالية القضاء.
الاستفادة من مشروع الربط الرقمي عبر المتوسط.
3 – المبادرة الملكية الاطلسية
تمثل المبادرة الملكية ترجمة لرؤية جلالة الملك تجاه القارة والتزاماته وقناعاته المؤطرة للتعاون جنوب جنوب.
فالمبادرة خلقت جسرا تواصيا مهما اقصاديا وتجاريا وثقافيا وبيئيا ويمهد لميلاد اتحادا لدول افريقية الاطلسية.
وترتكز المبادرة الملكية على أهداف جد مهمة تتمثل في الاستقرار والتنمية والتقدم تؤطره رؤية طموحة واستراتيجية وتعززها مشاريع مهيكلة وبنية تحتية تعلي من شأن الانسان الافريقي وتحقق الاندماج والنمو للبلدان الاطلسية.
هذه المبادرة فرضتها الحتمية الجعرافية والمعاناة التاريخية وهشاشة البنى الاجتماعية للقارة الامنية والسياسية التي تستغل لتقسيم القارة والاسثمار في النزاعات والازمات.
والرهان الجيواستراتيجي للمبادرة الملكية يكمن في ترصيد الجنوب الاطلسي و استغلال مقدرات دول القارة لبناء صورة اقتصادية افريقية تنافسية باستغلال الثروات والموقع الجغرافي الاطلسي عبر آليات التعاون والشراكات المختلفة .
4- الشراكة المغربية الخليجية
ارتفى بها جلالة الملك الى شراكة استراتيجية
انطلاقا من الروابط الحضارية والثقافية والسياسية .
هناك مظاهر للتعاون تحكمها العلاقات التقليدية بين الجانبين ، وهناك شراكات حديثة اقتصادية وتجارية توحد التصور بين الجانبين وتؤسس لمرحلة جديدة تنوع مجالات التعاون مع دول المجلس منذ 2016 خصوصا العلاقات مع دولة الامارات والسعودية وقطر.
وبين الجانبين تبذل جهود لتنسيق المواقف تجاه قضايا المنطقة خصوصا أهمية وقف الحرب بين اسرائيل وحماس لتوفير الامن للشعب الفلسطيني ودعم الدولة الفلسطينية طبقا للشرعية الدولية والقانون الدولي.
5- العلاقات المغربية الصينية والروسية وامريكا اللاتينية
أ – المغرب والصين
عمل المغرب نتيجة إكراهات المتوقع والاصطفاف، على تغيير الشركاء وتبني نهج جديد في السياسة الخارجية تقطع مع حقبة التبعية والولاء للحلفاء التقليديين بناء الحق في تغيير القرار الدبلوماسي الخارجي.
فمفهوم الجوار لم يعد له قيمة مما جاء معه مفهوم الانفتاح طريقا لبناء شراكات جديدة بعيدة عن محيطه الإقليمي يدور حول الجذب السياسي. فالدبلوماسية المغربية استعملت حبال النسق الاستراتيجي بعيد المدى مع الصين و روسيا وأمريكا اللاتينية.
والانفتاح على الدول الكبرى عزز موقف المغرب في التفاوض مع الدول الأوروبية من موقع قوة، رغم أن الشراكة الأوروبية المغربية، وأبان عن أهميته خصوصا مع فرنسا واسبانيا، اللذين تفطنا الى أهمية بالنسبة الشراكة مع المغرب الذي اتخذ مسافة من جميع القوى ويراهن على علاقات متوازنة مع الجميع تراعي مصالحه بما فيهم اللاعبون الكبار.
فالمغرب يراهن على مشاريع اقتصادية ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تهدف إلى تعزيز الحضور الاقتصادي للعملاق الآسيوي في بلدان عدة من بينها المغرب.
ب- المغرب وروسيا
علاقات متميزة تجمع البلدين، وتندرج ضمن خيار واضح لآفاق التعاون الذي دشنته الزيارة التاريخية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى موسكو في مارس 2016، والشراكة الاستراتيجية العميقة رسمت الطريق نحو تعاون متين ومثمر وإيجابي للطرفين في إطار من التضامن والتفاهم المرتكز أساسا على الاحترام المتبادل والمحافظة على السلامة الإقليمية للبلدين.
في مجال الطاقة، تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة ووزارة الطاقة لروسيا الاتحادية في ميدان النجاعة الطاقية.
ج- المغرب وامريكا اللاتينية
يواصل المغرب تعزيز علاقاته بدول أمريكا اللاتينية والوسطى، كمنسق متميز في خدمة التعاون الثنائي والدفاع عن مصالحه الاستراتيجية وإشعاعه الدولي، ولكن أيضا خدمة للتعاون بين هذه المنطقة والقارة الإفريقية، على أساس تعددية الأطراف التي تعزز الأمن الجماعي وتستجيب لتوقعات شعوب الجنوب.
*رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات