رفعت فرق برلمانية مقترح قانون، يهدف الى إخضاع الوزراء والبرلمانيين لمسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية للمجلس الأعلى للحسابات، ويرمي مقترح القانون، الى إلغاء الاستثناء الوارد ضمن المادة 52 من القانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية، الذي ينص على أنه لا يخضع للاختصاص القضائي للمجلس الأعلى للحسابات في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أعضاءُ الحكومة وأعضاء مجلسي النواب والمستشارين عندما يمارسون مهامهم بهذه الصفة.
وينص مقترح القانون، الى تدقيق عدد من المقتضيات التي تهم الإطار العام لمهام واختصاصات المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات، تماشياً مع المتطلبات والانتظارات من هذه المؤسسات الدستورية، حيث يروم المقترح توسيع مجال تقديم المساعدة للبرلمان والحكومة في مختلف المجالات المتعلقة بوظائفهما، سواء في ما يتعلق بمواكبة عمل البرلمان على مستوى مراقبة صرف النفقات العمومية وطرق تدبير الموارد العمومية، أو دراسة مدى فعالية التدابير العمومية ونجاعة السياسات العمومية والبرامج والمشاريع الحكومية.
و يمارس المجلس الأعلى للحسابات مهمة قضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية اتجاه كل مسؤول أو موظف أو عون بأحد الأجهزة الخاضعة لرقابة المجلس، والذي يرتكب إحدى المخالفات المنصوص عليها في مدونة المحاكم المالية.
و يعمل المجلس الأعلى للحسابات في مجال التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية كمحكمة بكل ما يستلزم من ضمانات لحقوق الدفاع والاستماع لأي شخص يمكن أن تثار مسؤوليته بحضوره الفعلي أو بحضور محاميه أثناء جلسة الحكم وذلك فضلا عن استدعاء الشهود.
ويعرف رفع القضية أمام المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية ، على عكس البت في الحسابات الذي يعتبر اختصاصا من النظام العام، فإن قضايا التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية ترفع إلى المجلس الأعلى للحسابات من طرف الوكيل العام للملك إما من تلقاء نفسه أو بطلب من الرئيس الأول أو من طرف إحدى الهيئات بالمجلس وذلك عند اكتشاف أفعال من شأنها أن تشكل مخالفات تستوجب ممارسة المجلس لاختصاصاته في هذا الميدان. ويؤهل كذلك كل من الوزير الأول ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين و الوزير المكلف بالمالية و الوزراء لرفع قضية التأديب المالي أمام المجلس بواسطة الوكيل العام للملك، وبناء على تقارير الرقابة أو التفتيش بالوثائق المثبتة.
و يجوز للوكيل العام للملك، بناء على الوثائق التي يتوصل بها والمعلومات أو الوثائق الأخرى التي يمكن أن يطلبها من الجهات المختصة بأن يقرر إما حفظ القضية ، إذا تبين له أن لا داعي للمتابعة ، ويتخذ بهذا الشأن مقررا معللا يبلغ إلى الجهة التي عرضت عليه القضية، و إما المتابعة.
وبخصوص المسطرة المتبعة أمام المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ، وفي حالة المتابعة يلتمس من الرئيس الأول تعيين مستشار مقرر يكلف بالتحقيق ، كما يخبر الأشخاص المعنيين بأنهم متابعون أمام المجلس وبأن بإمكانهم الاستعانة بمحام مقبول لدى المجلس الأعلى لمؤازرتهم بخصوص ما تبقى من المسطرة. ويخبر كذلك بالمتابعة الوزير أو السلطة التي ينتمي أو كان ينتمي إليها الموظف أو العون المتابع، والوزير المكلف بالمالية وعند الاقتضاء، الوزير المعهود إليه بالوصاية.
ويتابع الوكيل العام للملك سير أعمال التحقيق الذي يتميز بسريته. ويتعين على المستشار المقرر إخباره بمآله وذلك بكيفية مستمرة ومنتظمة، توجيه التقرير إلى الوكيل العام للملك : عند الانتهاء من التحقيق، يوجه المستشار المقرر ملف القضية إلى الوكيل العام للملك مرفقا بالتقرير المتعلق بالتحقيق ليضع مستنتجاته بشأنه.
و يحكم المجلس على الأشخاص الذين ارتكبوا واحدة أو أكثر من المخالفات المشار إليها في المواد 54 و 55 و 56 من مدونة المحاكم المالية، بغرامة يحدد مبلغها حسب خطورة وتكرار المخالفة. ولا يقل هذا المبلغ عن ألف (1.000) درهم عن كل مخالفة كما لا يجوز أن يتجاوز مجموع مبلغ الغرامة عن كل مخالفة، الأجرة السنوية الصافية التي كان يتقاضاها المعني بالأمر عند تاريخ ارتكاب المخالفة. غير أن مجموع مبالغ الغرامات المذكورة لا يمكن أن يتجاوز أربع (4) مرات مبلغ الأجرة السنوية السالفة الذكر.
وإذا ثبت للمجلس أن المخالفات المرتكبة تسببت في خسارة لأحد الأجهزة الخاضعة لرقابته، قضى على المعني بالأمر بإرجاع المبالغ المطابقة لفائدة هذا الجهاز من رأسمال وفوائد، وتحسب الفوائد على أساس السعر القانوني ابتداء من تاريخ ارتكاب المخالفة، وإذا اكتشف المجلس أفعالا من شأنها أن تستوجب إجراءا تأديبيا يقوم الوكيل العام للملك بإخبار السلطة التي لها الحق التأديب بهذه الأفعال، وإذا تعلق الأمر بأفعال يظهر أنها قد تستوجب عقوبة جنائية، رفع الوكيل العام للملك الأمر إلى وزارة العدل.
و تجدر الإشارة إلى أن الشخص المعني بالأمر وكذا الشهود الذين لا يجيبون في الأجل المحدد من طرف المجلس عن طلبات تقديم الوثائق و المستندات أو لا يستجيبون للاستدعاءات المرسلة إليهم من قبل المجلس أو الذين يرفضون أداء اليمين أو الإدلاء بشهاداتهم، يمكن أن يدانوا بأمر للرئيس الأول بغرامة تتراوح بين 500 درهم و 2000 درهم.