في ظل استمرار تحديات التغير المناخي، عاد وزير التجهيز والماء، نزار بركة، ليؤكد خطورة الوضع المائي في المغرب، وذلك خلال ندوة نظمها “نادي الشباب القانونيين” بجامعة الرباط الدولية. وأوضح بركة أن البلاد تواجه أزمة غير مسبوقة بفعل الجفاف المتواصل، مما يستدعي تغييرًا جذريًا في تدبير الموارد المائية.
بحسب الوزير، فقد ارتفعت درجات الحرارة بمتوسط 1.8 درجة مئوية، متجاوزة السقف الذي حدده اتفاق باريس عند 1.5 درجة. هذه الزيادة أدت إلى تفاقم ظاهرة التبخر، إذ يفقد المغرب يوميًا 1.5 مليون متر مكعب من المياه. علاوة على ذلك، فإن تراجع المخزون المائي بات أمرًا مقلقًا، حيث انخفض معدل نصيب الفرد من المياه من 2600 متر مكعب سنويًا في ستينيات القرن الماضي إلى 540 مترًا مكعبًا فقط بحلول عام 2040.
ورغم التحسن الطفيف في نسبة ملء السدود، التي ارتفعت من 23.3% إلى 27.7% بفضل التساقطات الأخيرة شرق البلاد، إلا أن الصورة العامة لا تزال قاتمة، خاصة مع الانخفاض الحاد لمخزون سد المسيرة، ثاني أكبر سد في المغرب، حيث تراجعت نسبة ملئه من 100% إلى 1% خلال عقد واحد فقط.
لتجاوز هذه الأزمة، تبنت الحكومة استراتيجية ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية: ضمان التزويد بالمياه الصالحة للشرب، تعزيز الاستغلال الرشيد للمياه الجوفية، واعتماد سياسة تواصلية لتعزيز وعي المواطنين بأهمية ترشيد استهلاك المياه.
وتشمل هذه الاستراتيجية مشاريع كبرى، مثل ربط الأحواض المائية، حيث يتم نقل المياه من حوض سبو إلى حوض أبي رقراق، مع خطط مستقبلية لربط أحواض اللكوس وسبو وأبي رقراق وأم الربيع لتوفير 1.2 مليار متر مكعب من المياه سنويًا لصالح سد المسيرة.
كما يراهن المغرب على تطوير محطات تحلية المياه، حيث يمتلك حاليًا 16 محطة بطاقة إنتاجية تبلغ 277 مليون متر مكعب سنويًا، بالإضافة إلى التفكير في تركيب ألواح شمسية عائمة فوق السدود للحد من التبخر وتوفير الطاقة النظيفة.
أكد بركة أن التحولات الرئيسية في سياسة تدبير المياه تتجه نحو:
- التخلي عن الاعتماد المطلق على الموارد التقليدية، والتوجه نحو مصادر غير تقليدية كتحلية مياه البحر.
- إعطاء الأولوية لترشيد الطلب على المياه بدلًا من التركيز على زيادة العرض.
- تبني رؤية طويلة الأمد لضمان استدامة الموارد.
- تطبيق مفهوم “التضامن العكسي”، حيث تدعم المدن الكبرى المناطق القروية في الحصول على المياه.
ختامًا، شدد بركة على أن مواجهة هذه الأزمة ليست مسؤولية الدولة وحدها، بل تتطلب مشاركة الجميع، داعيًا المواطنين إلى تغيير سلوكهم الاستهلاكي للمياه بما يضمن استدامة هذه الموارد للأجيال القادمة. فهل تكون هذه السياسات كافية لإنقاذ المغرب من العطش القادم؟