شكل موضوع ثابت المذهب المالكي في إفريقيا، محور جلسة علمية أطرها عدد من الأكاديميين ضمن أشغال الندوة العلمية الدولية حول “قول العلماء في الثوابت الدينية المغربية”، المنظمة من طرف موقع الثوابت الدينية المغربية بتعاون مع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة.
وخلال هذه الجلسة، قارب أساتذة جامعيون وعلماء، مغاربة وأفارقة، ثابت المذهب المالكي في إفريقيا من خلال إبراز قول العلماء في أصوله الشرعية وفروعه الفقهية، وتسليط الضوء على منهجية المدرسة المالكية في تأطير العلاقة بين النص والواقع، وكذا مميزات الدرس المالكي لدى علماء إفريقيا.
وهكذا، أكد أستاذ التعليم العالي بكلية الشريعة بفاس، محمد مهدي رمح، أن المذهب المالكي وجد في المملكة المغربية مقاما مباركا للنمو والازدهار، مبرزا أن المغاربة ارتضوه مذهبا واستغنوا عن سواه، وعضوا عليه بالنواجذ؛ لأنه من مقومات هويتهم الدينية بالإضافة إلى العقيدة الأشعرية والتصوف الجنيدي وإمارة المؤمنين، مسجلا أن المغاربة ظلوا حريصين ومتشبثين بهذا الرباعي من ثوابت المملكة التي تجمع شملهم وتؤلف قلوبهم وتضمن للجميع الوحدة والأمن والاستقرار.
من جهته، توقف أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الانسانية بوجدة، محمد مصلح، عند منهجية المدرسة المالكية في تأطير العلاقة بين النص والواقع، مبرزا أن وفرة الأصول الاجتهادية للمذهب الملكي ومرونتها أتاحت للفقهاء المغاربة استيعاب ما يجد في حياتهم من نوازل ومعالجة ما يلبي مصالحهم الخاصة والعامة، في إطار المبدأين الراسخين في منهج المدرسة المغربية في تنزيل الأحكام على الواقع، المتمثلين في التيسير ورفع الضيق والحرج.
وأوضح في هذا السياق أن النوازليين المغاربة اهتموا بأحوال المجتمع وخبروا تصرفات الناس للتمكن من التنزيل الصحيح للأحكام، وذلك جريا على مذهب الإمام مالك في ربط الفقه بالواقع العملي، معتبرا أن الاجتهاد في التنزيل لا يقل أهمية وصعوبة عن الاجتهاد في فهم النص واستنباط الأحكام منه.
وهكذا، يضيف الأستاذ الجامعي، اهتم المغاربة بضبط العلاقة بين النص والواقع، ووضعوا لذلك ضوابط وقواعد خاصة وعامة، مشددا على أن مراعاة هذه الضوابط في تنزيل الأحكام في إطار الوحدة المالكية يشكل أداة لتحقيق الاستقرار ووسيلة للحفاظ على التدين الفردي والجماعي.
من جانبه، تناول عضو فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، محمد الحنفي دهاه، مزايا المذهب المالكي على القارة الإفريقية، موضحا أن من أبرز مزايا انتشار المذهب المالكي بمناطق واسعة بإفريقيا تحقيق الوحدة الفكرية بين شعوب القارة، وهو ما ساهم في خلق اللحمة بينهم ونبذ التفرق الناجم عن التعصب والانتصار للمذهب والهجوم على المخالف.
وأضاف السيد حنفي دهاه أن المذهب المالكي ساهم أيضا في ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال والانفتاح على الآخر في المجتمعات الإفريقية، حيث يحكم هذا المذهب، مبرزا أن هذا الأخير معتدل في مواقفه وأحكامه وأصوله وفروعه. ومن مظاهر ذلك، يضيف المتحدث، أن الأفارقة استطاعوا أن يتعايشوا في هذه المناطق بشكل سلمي رغم اختلاف أعراقهم وتعدد طرقهم الصوفية، معتمدين في ذلك على أصول المذهب المالكي في عدم تكفير أحد من أهل القبلة.
كما أشار السيد حنفي دهاه إلى أن المذهب المالكي كان له دور بارز في تعريب البلاد