20 يونيو ذكرى أليمة وجرح مغربي حاولت “الإنصاف والمصالحة” معالجة بعض آثاره لكن كثيرا منها سيرافقنا، وهي بالجملة جزء من تاريخنا، الذي لا يمكن أن نتنكر له بتاتا، ففي مثل هذا اليوم كان المغرب مع حدث تاريخي، حيث خرج ألوف من المغاربة محتجين على غلاء الأسعار، وكانت مواجهات عنيفة وذهب فيها ضحايا سماهم إدريس البصري، وزير الداخلية حينها، بشهداء “كوميرا”، في كناية على أنهم خرجوا محتجين على الزيادة في الأسعار.
المغرب حينها ليس هو المغرب اليوم، في تلك الفترة كان المغرب يعاني من ندرة في الموارد كبيرة، ولم يكن يعيش على وقع المشاريع الكبرى، مثلما هو الحال اليوم، ولم الصناعة تطورت ولا الفلاحة لها نفس المستوى اليوم. خروج المغاربة حينها كان يعني أن “السكين وصلت للعظم” وأن الوضع لم يعد يطاق نهائيا، وهذا الخروج كان له معنى واحد هو أن “التيار” لم يعد يمر بين الشعب والحكومة.
المقارنة بين عزيز أخنوش، رئيس الحكومة ورئيس “تجمع المصالح الكبرى”، وبين إدريس البصري، وزير الداخلية حينها، لا تجوز لكثير من الاختلافات الجوهرية، مهنيا وسياسيا، فالأول تدرج في المهن الأمنية والمسؤوليات قبل أن يصبح وزيرا للداخلية، أما الثاني فقد ورث ثروة وتم استقدامه لممارسة العمل السياسي.
لم يكن إدريس البصري هو المسؤول عن توتر الأوضاع الاجتماعية إلا في شقها الأمني، لأنه لم يكن هو المسؤول عن السياسات الحكومية، وبالتالي انفجار الأوضاع الاجتماعية نتيجة التدهور الاقتصادي ليس هو المسؤول عنها، ولكنه كان مسؤولا عن معالجة الآثار المترتبة عن الخروج، وهي معالجة تميزت بالقسوة.
لكن مسؤولية أخنوش اليوم واضحة في دفع البلاد نحو الفوضى، لأنه لم يعد هناك من يطيق كل هذه الزيادات، التي لا معنى لها، حيث اختنق المواطن المغربي، وتعمد الحكومة اليوم على قياس مدى صبر المواطن المغربي، ويبدو أن أخنوش ومن معه بمن فيهم وزير الثقافة لم يقرؤوا رواية “البؤساء” لفيكتور هوجو، ليعرفوا أن الصبر ليس بدون سقف، وأن الأمور قد تصل إلى سقف لا يمكن أن يتحكم فيه أحد ولا يمكن توقع نتائجه بتاتا.
سياسة أخنوش في تدبير الأزمة، التي ظهرت نتائج نعمتها عليه كصاحب شركات وفق ما أعلنت مجلة فوربيس الأمريكية، كارثية وهي تسير رأسا نحو الاصطدام بالحائط، وبالتالي عندما ربطنا بينه وبين 20 يونيو، التي اقتربت ذكراها، فإننا نقصد أن هذا الرجل وحكومته يهيئون شروط إنتاج حركة جديدة قد تؤدي إلى شهداء كوميرا جدد، لا قدر الله. “الخوف في التيساع رجلة” كما يقول المغاربة. ومن حسن التدبير سوء الظن. نقول هذا الكلام كي يتنبّه من يلزم أن ينتبه إلى الأمور حتى لا ينفرط عقد الاستقرار الاجتماعي في المغرب وحتى لا تذهب النجاحات سدى بفعل سوء التسيير والتدبير من لدن “من ليس لديه ما يخسر”.