*الدكتور احمد الدرداري
ان التشبت المغربي بالدفاع عن وحدته الترابية دفع لعمامرة في مؤتمر صحفي الى الادعاء بأن الأعمال العدائية من المملكة المغربية ضد الجزائر لم تتوقف كما اتهم جماعات “إرهابية” بالوقوف خلف حرائق الغابات الضخمة التي شهدتها بلاد القبائل ، وقال إن “إحدى هذه الجماعات الإرهابية مدعومة من المغرب”.
و أثار لعمامرة بما سماه “الدعم المغربي لواحدة من الجماعات” التي تسعى للاستقلال في منطقة القبائل، كما أضاف إن “الرباط تجسست على مسؤولين جزائريين، وفشلت في الوفاء بالالتزامات الثنائية بما في ذلك ما يتعلق بالصحراء الغربية”.
ومن جهتها فان الجزائر تمول جبهة البوليساريو التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية، والتي هي جزء لا يتجزأ من أراضي المملكة المغربية.
وقد استدعت الجزائر الشهر الماضي سفيرها في المغرب للتشاور. وذلك بعدما أن أعرب مبعوث المغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، قضية تقرير المصير لمنطقة القبائل الجزائرية. فقام النظام العسكري الجزائري بتشديد المراقبة الأمنية على حدودها الغربية بعد حرائق مروعة أسفرت عن مقتل العشرات.
بينما المغرب اعتبر قرار الجزائر القاضي بقطع العلاقات بين البلدين من جانب واحد خطوة غير مبررة.
وان القرار كان متوقعا بالنظر إلى تنامي التصعيد وتأثير الاحداث المختلفة على الشعب الجزائري، وعليه رفض بشكل قاطع المبررات الكاذبة والعبثية التي استعلها لعمامرة كذرائع لقطع العلاقات بين البلدين.
وأضاف البيان “ستظل المملكة المغربية شريكا موثوقا ومخلصا للشعب الجزائري وستواصل العمل، بكل حكمة ومسؤولية، من أجل تطوير علاقات مغاربية سليمة وبناءة”.
#- أهم المحطات والاحداث التي جعلت الجزائر تدور في فلك الفوضى والازمات .
1516: خضع المغرب الاوسط (الجزائر حاليا ) لحكم العثمانيين واصبح ولاية عثمانية، وقد نشب صراع بين العثمانيين والدولة السعدية في المغرب حول الجزائر التي لم تكون دولة وتركز النزاع حول تلمسان المدفون فيها المولى سليمان .
1830: احتلت فرنسا الجزائر كمنطقة احتلها العثمانيون، وشرع في التدخل في شؤون المغرب عبرها، فوقعت عام 1844 معركة “إسلي” التي هُزم فيها المغرب، واستمر التدخل الفرنسي حتى تم فرض الحماية الفرنسية على المغرب في عام 1912.
ومن الصدف الغريبة انه في سنة 1880 ابرمت ابريطاتيا اتفاقية مع فرنسا حول بخيرة النيجر وشمال مالي، اتفقتا الدولتان على تخلي ابريطانيا لفرنسا عن هذه المناطق ومرور فرنسا عبر الصحراء المغربية شريطة احترام الوحدة الترابية للمغرب بما فيه آنذاك الصحراء الشرقية والغربية للمغرب، مقابل تنازل فرنسا لابريطانيا عن مناطق في المحيط الهادي، هذه المعاهدت احبطت التواحد الاسباني تاريخا وواقعا.
لذا تعنتت اسبانيا وواصلت اعتدائها على ارض المغرب ونزلت بالداخلة يوم 3 نونبر 1884 وبنت كوخا كمركزا للتجارة باسم شركة تجارية اسبانية دون ان يعد ذلك احتلالا مادام الامر ليس الا كوخا فقط.
وفي 26 دجنبر 1884 أخبرت اسبانيا الدول الاوربية باحتلالها للداخلة دون اخبار المغرب، وعليه هاجم المغاربة الاسبانيين فارغموهم على مغادرة الداخلة
وبدء الاستعمار الإسباني للصحراء المغربية الجزء الغربي منها في الوقت الذي ابرمت فرنسا وابريطانيا اتفاقية تتضمن عدم المساس بحدود المغرب .
1934: اصبحت الصحراء المغربية إقليماً إسبانياً يحمل اسم الصحراء الإسبانية. وفي نوفمبر 1956: حصل المغرب استقلاله قبل الجزائر التي لم تحصل على استقلالها الا في يوليوز 1962:
1963: وقوع خلاف حدودي بين البلدين حول منطقتي تندوف وبشار اللتين طالب بهما المغرب، وأدى ذلك الخلاف إلى اندلاع مواجهات عسكرية بينهما عرفت بـ”حرب الرمال”.
1965: الأمم المتحدة تطالب إسبانيا بإنهاء احتلالها للصحراء الغربية.
1973: تأسيس جبهة البوليساريو تحت شعار مع الحسن الثاني من أجل تحرير الساقية الحمراء واد الذهب، لكنها انقلبت على وطنها المغرب وتبنت فكرة الانفصال بعدما توفر الدعم من الحزائر .
1975: نظم المغرب المسيرة الخضراء بعد انسحاب إسبانيا من الصحراء المغربية، فاندلاع حرب بين جبهة البوليساريو المدعمة بالسلاح من طرف الحزائر والقوات المغربية دامت 16 سنة، كما صدر قرار التحكيم عن محكمة العدل الدولية في لاهاي يقر بوجود علاقة بين نظام المغرب وسكان الصحراء بعدما ادعت اسبانيا بان الصحراء كانت ارض خلاء ، فتم تقرير المصير بـالمسيرة الخضراء التي شارك فيها 350 ألف مغربية ومغربي لانهاء الاحتلال الاسباني واسترجاع الصحراء المغربية بشكل رسمي .
وبسبب الضرورة الحربية مع الذين رأوا مشروعا سياسيا واقتصاديا في النزاع لم يتم ترسيم الحدود وتم استرجاع حوالي ثمانين في المئة من أراضي الصحراء المغربية كجزء لا يتجزأ من أراضي المملكة المغربية، ولطي النزاع اقترح المغرب تطبيق الحكم الذاتي للاقاليم الجنوبية على أن يظل تحت السيادة المغربية، بينما بقيت الجزائر مصرة على استفتاء لتقرير المصير، كما تم الاتفاق على وقف إطلاق النار الموقع عام 1991.
# – مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية بعد قطع العلاقات الديبلوماسية .
١- تفوق المغرب دوليا :
تخضع العلاقات الدولية لعدة قواعد أهمها الدفاع عن المصالح في إطار الأحلاف الدولية بناءا على التقارب والمصلحة المشتركة ، ومعلوم أن الجزائر تنتمي إلى حلف ليس هو نفس الحلف الذي ينتمي إليه المغرب مما جعل عنصري المنافسة و الصراع يتخذان وجهين متعارضين : محاولة تقوية الأحلاف عربيا و إفريقيا ومحاولة تعزيزها على المستوى الدولي مذهبيا وسياسيا .
فالمغرب والجزائر يتعارضان سياسيا ويتقاطعان لغويا مع استقرار المغرب ليبراليا وترنح الجزائر التي حاولت أن تصطنع هوية للشعب الجزائري لجعله إشتراكيا وشموليا في محاولة لجعل التفكير السياسي الجزائري يتميز بالدفاع عن الشعوب عن طريق دفعها إلى التمرد و الإنقلابات وتغير الأنظمة التقليدية في الوقت الذي تقتصر فيه مهمة الجيش منذ العهد اليوناني على حماية الحدود كيفما كانت طبيعة الأنظمة السياسية .
والنظام العسكري الجزائري بطبيعته معادي للبرللية بحسب عقيدة المذهب السياسي الشمولي كنظام صدام الحسين و حافظ الأسد وجمال عبد الناصر .
والنظام العسكري الجزائري قرر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب دون مراعاة تشبيك مصالح الدول ودون إستشارة دولية ودون الابقاء على التوازن المشروط للحفاظ على المصالح الإستراتجية للشعب الجزائري ، ذالك أن قطع العلاقات الدبلوماسية يصاحبه إقاف مجموعة من المصالح والأفكار والمشارع المشتركة وإن كانت الجزائر قد إحتكمت في قرارها إلى الكذب و تزوير الحقائق المرتبطة بالأحداث التي إصطدمت فيها مع المغرب .
إن الأصل هو الإنحراف في تعامل الجزائر دوليا حيث نحت منحى الدول العسكرية ذات التوجه الشمولي المبني على القوة العسكرية والتي حتى في زمن تحالفها لم تنل من المغرب شيئا حيث أصبحت الجزائر بعد زوال عدد من الأنظمة العسكرية وجها لوجه مع القوى الاقتصادية الليبرالية التي إستفاد المغرب من توجهها ونال كل الإمكانيات لبناء دولة ذات إقتصاد قوي بمؤشر ارتفاع منسوب الثقة في المغرب دوليا بالإضافة إلى معطى الأمن و الإستقرار اللذين يحددان قوة جدب الإستمرار .
وبسبب إختلاف العقيدة العسكرية الجزائرية عن المذهب الليبرالي تجمد إتحاد المغرب العربي حيث نهجت الجزائر خطة الهجوم واختلاق الذرائع مع الإدعاء على أنها ضحية ومعتدى عليها وإشهارها أن لها حقوقا قوية و مشروعة باحثة بذلك عن الزعامة لقيادة أحلاف دولية ومواجهة الأنظمة غير الشمولية فدخلت في حرب ضد المغرب 1963 وتوجهت نحو دعم البوليساريو 1973 إنتقاما لما لحقها من هزائم في الحرب وأغلقت الحدود 1994 وحرمت المحتجزين من عودتهم إلى وطنهم وتقرير مصيرهم كما تدخلت في الشأن الليبي من خلال قوة أفركوم وتوغلت 50 كيلومتر في التراب الليبي كما إستقبلت الإسلامين المتطرفين.
وقرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب وإستعدادها للتصعيد بسبب مالحقها من جمود وتراجع بسبب كثرة الفضائح على المستوى الدولي كفضيحة إبن فطوش الإجرامية .
كما أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء قطع الطريق و المراهنة على إستمرار أطماع الجزائر في إقتسامها مع المغرب وحصولها على ضفة اطلسية.
وأمام إنكشاف عجز النظام العسكري الجزائري في إثبات إدعائته داخليا ودوليا مقابل صرف ملايير الدلارات في تسليح الانفصالي دون فائدة تعود على الشعب الجزائري، بل كلفته ضريبتي القمع والتخلف والبقاء في دائرة التهويل للحفاظ على مكانة و قيمة المؤسسة العسكرية والجنرالات.
إن الطغمة العسكرية بنت أسطورتها كاذبة وعلى مغالطة وجراح المقاومين فبنت تمثالا كبيرا لمجسم الخوف بدل الحرية وأهدرت للوقت التنموي مقابل حصر مستوى الترف ونهب الثروات من طرف عصابة لا تستفيد من التقاعد لشدة الحرص على البقاء في السلطة والنهب حتى الموت دون محاسبة .
ولكون المغرب يعي جيدا قواعد التعامل الدولي من جهة ويعمل على الواجهتين الأولى ترعى مصالحه ووحدتة وإستقراره والثانية فضح أعدائه في كل المؤامرات المدروسة مما زاد من تضييق للخناق على الطغمة العسكرية التي ما تزال محاطة بإتهامات خطيرة منها ما يرتبط بتوجهات إيران في المنطقة و الثانية الصراع المرير مع إسرائيل والإعتداء عليها وهذا ما سنتطرق اليه في المقالات المقبلة .