تمكنت المديرية العامة للأمن الوطني، من تفعيل المفهوم الجديد للمرفق العمومي الذي يعمل على تقديم مجموعة من الخدمات للمواطنين، تجسيدا لروح الدستور والتزاما بالقوانين المؤطرة، واستجابة للتوجيهات الملكية في جعل الشرطة قريبة من المواطن، حيث دخلت المديرية في تطوير منظومة أدارية متكاملة لخدمة المواطنين، عبر تحديث البطائق الوطنية والوثائق الإدارية، والإنخراط في مكافحة التزوير والمستندات، والعمل على تطوير وسائل البحث والتحقيق بالتدقيق العلمي في جوازات السفر والتأشيرات ووثائق الهوية والأوراق النقذية.
وشدد المديرية العامة للأمن الوطني ، على أنها اهتماما خاصا في عملية التحقق من الوثائق، والتي تعتبر عملية دقيقة تمكنها من ضمان صحة الوثائق والمستندات بفضل عدد من الاختبارات التقنية الرامية إلى الكشف ومحاربة التزوير والحد من استعماله.
ويقوم خبراء المديرية العامة للأمن الوطني المتخصصين باختبارات تقنية دقيقة على وثائق الهوية والمستندات محل النزاع، خاصة بطائق التعريف الوطنية وجوازات السفر والتأشيرات، بالإضافة إلى الأوراق النقدية، الأمر الذي يمكن من صحتها و معرفة طريقة تزويرها وتزييفها، كما يقوم الخبراء باختبارات مقارنة ودراسة خطوط الكتابة والتوقيعات، حيث تتيح خلاصات الاختبارات تحديد الخصائص الرسومية التي تفيد بتطابق أو اختلاف أنماط الكتابة.
وأكد ضابط الشرطة الممتاز ياسين الفقصي بمصلحة الوثائق المزورة، على أن هذه الأيام المفتوحة بطنجة مناسبة للمديرية العامة للأمن الوطني لتسليط الضوء على كافة مصالح الأمن الوطني، موضحا أن رواق الخبرة على الوثائق يمكن من إطلاع المواطنين على مختلف أدوات الحماية من التزوير التي تتضمنها الوثائق الإدارية والأوراق المالية،ة وأضاف أن الرواق يشكل فرصة لمصلحة الوثائق المزورة لتعريف زوار الأبواب المفتوحة بالمؤشرات الأولية التي قد تمكنهم من التعرف على الوثائق والأوراق المالية المزورة، لافتا إلى أنه غالبا ما يتم اللجوء إلى خدمات المصلحة للقيام بخبرات في إطار أبحاث تجريها الشرطة القضائية.
و اعتبر عميد ممتاز للشرطة، فتاح عبد الحق، رئيس أمن مطار أكادير المسيرة، أن الدور الأساسي للرواق يتمثل في تحسيس المواطنين بأهمية مكافحة التزوير واستعماله، وذلك من خلال إطلاعهم على الأجهزة المتطورة التي تستعملها المديرية العامة للأمن الوطني على مستوى مراقبة الحدود، وذكر بأن المديرية العامة للأمن الوطني اعتمدت نظاما للتدبير المعلوماتي للنقاط الحدودية، وهي تقنية متقدمة تمكن من التحقق من وثائق السفر، مشيرا إلى أن التحقق من الوثائق يتم أيضا عبر اللمس وتغيير زاوية النظر، سواء باستعمال العين المجردة أو بالتكنولوجيات المتطورة.
وتتجه المديرية الى إصدار الجيل الجديد من بطاقة التعريف الإلكترونية، المرتقب بداية العام المقبل، يكون المغرب قد قام بخطوة أولى نحو اعتماد الهوية الرقمية للمواطنين، كما شرع في إعداد الأرضية الضرورية لتمكين باقي المؤسسات العمومية والخاصة من تعزيز باقة خدماتها الرقمية.
وبرزت الضرورة لإطلاق جيل جديد من بطاقة التعريف الوطنية، الذي تعتزم المديرية العامة للأمن الوطني إطلاقه بداية العام المقبل، مع التطور التكنولوجي المتسارع وشيوع استخدام التكنولوجيا من طرف المواطنين بشكل يومي لقضاء أغراضهم الإدارية أو القيام بمعاملات مالية أو إدارية، مع ما يقتضي ذلك من ضرورة إثبات الهوية بشكل رقمي، وما يرافقه من مخاطر التزوير وانتحال الهوية.
وقال العميد الإقليمي للشرطة، رئيس مشروع البطاقة الوطنية للتعريف الالكترونية، محسن يجو، إن الجيل الجديد من بطاقة التعريف يتيح “هوية أقوى من أجل خدمة أفضل للمواطنين والمؤسسات”، وذلك بفضل خصائصها المادية والرقمية التي تجعلها أكثر أمنا وموثوقية، مضيفا أن بطاقة التعريف الجديدة “ستضمن هوية أكثر أمنا، وولوجا مبسطا ومؤمنا إلى الخدمات الرقمية من طرف المواطنين”.
و حرصت المديرية العامة للأمن الوطني على استعمال آخر الابتكارات والتقنيات التكنولوجية الضامنة لمستوى عال من الأمن والحماية في إصدار هذه البطاقة، تشمل الطباعة البارزة والأنماط البصرية المتغيرة والحماية الرقمية.
وشددت المسؤولة عن تنسيق وتتبع المشاريع المعلوماتية بالمديرية العامة للأمن الوطني، سلوى جميلة، أن البطاقة الجديدة تشمل أحدث التقنيات الأمنية، التي يسهل التحقق منها ويصعب تزويرها، مبرزة في هذا السياق أن البطاقة تتوفر على مستويات متعددة للأمان، بصرية ورقمية ومادية.
و تشكل بطاقة التعريف الوطنية، التي تعتبر وثيقة رسمية تصدرها المديرية العامة للأمن الوطني، “جسرا سريعا وآمنا” نحو الخدمات عبر الانترنت، في عالم صار أكثر اتصالا وأصبح أمن المبادلات وحماية المعطيات الشخصية يشكلان تحديا رئيسيا، حيث تضمن للمواطنين المغاربة إمكانية الولوج الآمن إلى الخدمات الرقمية للمؤسسات العمومية والخاصة عبر الانترنت مع حماية المعطيات الشخصية.
ولعل من أهم المستجدات التي جاء بها الجيل الجديد من بطاقة التعريف، التي ستصنع من مادة البوليكاربونات المعروفة بصلابتها وطول عمرها، فتح إمكانية قراءتها إلكترونيا أمام باقي الأفراد والمؤسسات، سواء عبر الأجهزة المعدة لذلك أو من خلال تطبيقات قراءة الرموز أو عبر تقنية “الاتصال في نطاق قريب” (NFC). وتكمن الغاية من هذه الخدمة في حماية المواطنين من تبعات أخطاء الرقن أثناء تحرير المعاملات والمساهمة في ضمان انسيابية الخدمات، كما سيتم تزويد بطاقات التعريف بقن سري، على غرار البطاقات البنكية، وهو ما سيمكن حامل البطاقة من تفادي سوء استعمالها دون علمه من طرف الأغيار، سواء في حالة سرقتها أو ضياعها. كما يمكن هذا المستوى العالي من الحماية، متعهدي الخدمات من التأكد المطلق من هوية المرتفقين، والسماح لهم بإطلاق شريحة جديدة من الخدمات الرقمية، دون حاجة تنقل المواطنين.
وطورت المديرية العامة للأمن الوطني نظام المعلومات الجغرافية، الذي يراد منه أن يشكل أداة رئيسية للمساعدة على اتخاذ القرار الأمني، وذلك بفضل مختلف المعلومات الجيو-مكانية المجمعة والمخزنة في قاعدة البيانات المركزية، وتجعل هذه المعلومات المكانية، إلى جانب بعض المعطيات الكيفية المتعلقة بالقضايا الإجرامية وموقع دوريات “حذر” وشرطة المرور وغيرها من البيانات الإحصائية المقدمة من مختلف الإدارات، من نظام المعلومات الجغرافية أداة لجرد المعطيات المكانية، ووسيلة عملية للتدبير، فضلا عن كونه أداة استراتيجية لاتخاذ القرارات.
وأكد عميد الشرطة الإقليمي، يونس كربيض، رئيس مصلحة اليقظة التكنولوجية والمنهجيات، يتيح هذا النظام، الذي يعرض المعلومات الجيو-مكانية بشكل مطابق للواقع على خريطة رقمية تأخذ بعين الاعتبار التقطيع الإداري للمديرية العامة للأمن الوطني، للشرطي تجميع وتخزين كافة المعطيات المكانية ضمن قاعدة بيانات، وأضاف كربيض أن هذا النظام يمكن من رقمنة المعطيات ذات الطبيعة المكانية مع المساعدة على تتبع العربات التي تتوفر على نظام تحديد المواقع (جي بي إس)، مبرزا أهمية هذه الأداة في مسلسل اتخاذ القرار بفضل كافة المؤشرات المكانية الرامية إلى وضع استراتيجية أمنية ملائمة.
ووقعت المديرية العامة للأمن الوطني اتفاقية مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية من أجل وضع رهن إشارة المديرية العامة كافة المخططات الحضرية للمملكة، كما يمكن هذا النظام من تحديد دقيق للمدارات الطرقية وبالتالي تحديد هوية الشرطي العامل في المدار، مع إمكانية الولوج إلى أرشيف الأيام الماضية، فضلا عن سماحه بالولوج إلى خرائط موضاعتية، لاسيما خرائط الجريمة، التي تمكن من الاجابة على عدد من القضايا المهمة، خاصة ما يتعلق بمعدل الجريمة بالدائرة الأمنية، وعدد النقط السوداء، وكذا تركيز الجريمة حسب النوع والدائرة.
ويعمل النظام، الذي يوجد حاليا في مرحلة ما قبل الإصدار باعتماده بقيادة الدار البيضاء كتجربة نموذجية، على تسريع وتسهيل التفاعل مع نداءات المواطنين من خلال الرقم الهاتفي 19، عبر منح إمكانية تحديد العربة الأقرب إلى مسرح التدخل بفضل نظام التتبع الجغرافي.