مصطفى عبسي
بعض المعتوهين من مستخدمي اليوتوب اليوم أصبحوا يتسابقون نحو التفاهة بشكل مخز و مقرف على حساب الكرامة و الشرف، بحثا عن انتشار مزيف و “بوز” سخيف، يضمن لهم أرباحا تكون مهمة في أغلب الأحيان بسبب إقبال المتلقي على استهلاك التفاهة من حيث يدري أو لا يدري، مما يجعلهم يبدون واثقين من أنفسهم أكثر من اللازم فأصبحوا يعتبرون أنفسهم قدوات و مؤثرين، و ينفعون المجتمع في شيء ما. ليت علماء النفس و الاجتماع ينكبون على دراسة سلوكات هذه العينة من البشر التي انسلخت عن هويتها فما عادت تكترث لا لقيم و لا لتربية و لا لهوية البلد، و صارت ترى في كل ما له صلة بالفضيحة شهرة و فرصة لجني المال، و الأفظع أنك تجد آباءهم يساندونهم فيما يقترفونه من حماقات ستؤدي حتما إلى عواقب وخيمة على نفسية متابعيهم، و من الممكن أن يصبحوا يرون فيهم نماذج ناجحة كما يعتقدون هم أنفسهم، فيؤثر ذلك على نظرتهم للحياة على المستوى المادي خصوصا إذا كان المرء منهم غير متسلح بالقناعة و سهل الانقياد. إن هذه الطفيليات التي عاتت في اليوتوب “بسالة” تمتاز بشجاعة كبيرة أمام الكاميرا، و لديهم قدرات هائلة تمكنهم من استيعاب الفضائح و التأقلم و التعايش معها، و الأخطر من ذلك أنهم أصبحوا يتكتلون كي يخلقوها طمعا في متابعة أكبر و بالتالي تحقيق ربح أكبر و هذا الفعل في رأيي الشخصي نصب و احتيال على المشاهد، كما أنهم لا يكترثون لما قيل أو سيقال عنهم، و تجدهم دائما يقيسون نجاحهم بنسب مشاهدة فيديوهاتهم البليدة السطحية و يزنون متابعيهم بالكيلو و الجيغا و … و هم لا يدرون أنهم فشلة و عديمو الحياء و يمثلون وحدة لقياس الفشل و الوقاحة ( إذا بغينا نعبرو وقاحة شخص ما يمكن لنا نقولو : فيه 3كيلو x مثلا، مع x هو الشخص الوقح موضوع هذه السطور ). إن هؤلاء المتسولون اليوتوبيون يستثمرون في التفاهة و يبدعون في انتاجها لأنهم استلذوا مداخيلها، مما يشكل خطرا على المجتمع، و يكرس لنوع من اللاعدالة الإجتماعية، لهذا وجب على الجميع كل من موقعه محاربتها بترسيخ الوعي بخطورة ما ينشرونه من ميوعة، و اعطاء قيمة للمواهب و تشجيعهم على اظهار مواهبهم كبديل لما يقدمونه و الحرص على الاهتمام بالحرفيين و المهنيين و كل من يمارس عملا ما، فقد يأتي يوم لا نجدهم فيه عندما يتذوقون أرباح اليوتوب الذي ينتهج قاعدة ” كن تافها أكثر تحقق ربحا أكبر ” دون تعميم بطبيعة الحال لأن هناك قنوات يستحق أصحابها كل التنويه و التقدير نظير ما يقدمونه عبرها من إفادة.