جرت أمس الأربعاء الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية في وقت واحد وفي ظرف وزمان ومكان واحد، وذهب المواطنون المغاربة الذين يحق لهم التصويت بكامل الحرية إلى مكاتب التصويت، وحظيت الانتخابات المغربية لأول مرة بمراقبة دولية واسعة، حيث يشارك الاتحاد الأوروبي في مراقبة الاقتراع، كما كلفت الجامعة العربية وفدا لمراقبة الانتخابات المغربية، كما اعتمد المجلس الوطني لحقوق الإنسان عدة منظمات أجنبية للمراقبة الانتخابية.
لكن أهم ما في الانتخابات اليوم هو أنها تجرى في يوم واحد، حيث يتم التصويت على المرشحين للبرلمان وللجهات والمجالس الترابية، وهذا يعني أن المغرب يعرف تقدما في العملية الانتخابية، تقدم ناتج عن التحولات التي تعرفها بلادنا، وكان جلالة الملك محمد السادس قال ذات خطاب “الموعد الانتخابي يعطي المواطنين سلطة القرار في اختيار من يمثلونهم وأنه عليهم إحسان الاختيار لأنه لن يكون من حقهم غدا أن يشتكوا من سوء التدبير أو من ضعف الخدمات التي تقدم لهم”.
وقال في ذكرى ثورة الملك والشعب “تتميز هذه الاستحقاقات، بإجراء الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية، في نفس اليوم. وهو ما يؤكد عمق الممارسة الديمقراطية، ونضج البناء السياسي المغربي.
إن الانتخابات ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي وسيلة لإقامة مؤسسات ذات مصداقية، تخدم مصالح المواطنين، وتدافع عن قضايا الوطن.
لأننا نؤمن بأن الدولة تكون قوية بمؤسساتها، وبوحدة وتلاحم مكوناتها الوطنية. وهذا هو سلاحنا للدفاع عن البلاد، في وقت الشدة والأزمات والتهديدات.
وهو ما تأكد بالملموس، في مواجهة الهجمات المدروسة، التي يتعرض لها المغرب، في الفترة الأخيرة، من طرف بعض الدول، والمنظمات المعروفة بعدائها لبلادنا.
فالمغرب مستهدف، لأنه دولة عريقة، تمتد لأكثر من اثني عشر قرنا، فضلا عن تاريخها الأمازيغي الطويل؛ وتتولى أمورها ملكية مواطنة، منذ أزيد من أربعة قرون، في ارتباط قوي بين العرش والشعب.
والمغرب مستهدف أيضا، لما يتمتع به من نعمة الأمن والاستقرار، التي لا تقدر بثمن، خاصة في ظل التقلبات، التي يعرفها العالم”.
فإجراء الانتخابات في يوم واحد يجسد تطور العملية السياسية الانتخابية في المغرب ونضج مؤسساته، كما يجسد الحرص على التقتير في المصاريف الانتخابية.
وتأتي بعد عشر سنوات من المرحلة التي أعقبت إقرار دستور 2011، وتجربة حكومتين قادهما حزب العدالة والتنمية.
مع كامل الأسف الأحزاب السياسية لم تكن في مستوى اللحظة التاريخية، وأضرت في سلوكها السياسي بصورة المغرب بالخارج، حيث تعتمدها بعض المنظمات بسوء نية وبحسنها أحيانا ضد المغرب، في وقت يصرف المغرب كثيرا من أجل تحسين صورته، والصورة في الخارج ليست مجرد عملية استهلاكية وتواصلية وعلاقات عامة.
ما جرى أمس يبين بشكل كبير أن المغرب قطع أشواطا كبيرة في مجال البناء الديمقراطي، تميز بالتصويت المتعدد في وقت واحد والحياد التام للإدارة في العملية الانتخابية تاركة الطعون للقضاء ليحسم فيها.