عاد النقاش حول سن الترشح للانتخابات ليتصدر الساحة البرلمانية بعد أن رفض مجلس النواب، خلال جلسة عامة، مقترح القانون المقدم من طرف المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، الذي يقضي بتغيير المادتين 41 و66 من القانون 9.97 بمثابة مدونة الانتخابات، بهدف تخفيض سن الترشح من 21 إلى 18 سنة، انسجامًا مع دستور 2011.
ورُفض المقترح بأغلبية 70 نائبًا مقابل تأييد 30 فقط، ما كشف عن وجود تباين واسع في المواقف بين مكونات الأغلبية والمعارضة، رغم اتفاق أغلبها على ضرورة فتح نقاش سياسي أوسع حول إصلاح مدونة الانتخابات برمتها، لا سيما في علاقتها بورش الجهوية المتقدمة.
مقترح في خدمة الدستور أم سابق لأوانه؟
بررت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية مقترحها بكون الفصل 30 من الدستور المغربي واضح في منح حق الترشح لكل من بلغ سن الرشد القانونية (18 سنة)، وهو ما يتناقض مع المادة 41 من مدونة الانتخابات، التي ما زالت تشترط بلوغ 21 سنة.
واعتبرت المذكرة التقديمية أن استمرار هذا التعارض القانوني أربك محطات انتخابية سابقة، وأدى إلى طعون قضائية متعددة، لاسيما في انتخابات 2021، مسجلة أن بعض المترشحين فازوا رغم صغر سنهم، بينما تم إسقاط آخرين بسبب تفعيل المادة 41، في غياب انسجام تشريعي واضح.
معارضة تدعو إلى التأجيل وتنادي بإصلاح شامل
في المقابل، رأى النائب البرلماني هشام المهاجري عن الأصالة والمعاصرة أن تعديل المادة 41 في الوقت الراهن غير مناسب، خصوصًا وأننا في نهاية الولاية التشريعية، معتبرا أن التسرع في تغيير المادة قد يخلق ارتباكًا سياسيًا ويؤثر على سير الإصلاحات الكبرى، لا سيما المرتبطة بالجهوية المتقدمة.
وأكد أن تعارض المادة 41 مع قانون 59.11 يفرض معالجة شاملة ومدروسة، وليس مجرد تعديل ظرفي، مشيرًا إلى أن محكمة النقض حسمت الخلاف القانوني لصالح الإبقاء على شرط الـ21 سنة، مما يفرض تأجيل النقاش إلى الولاية المقبلة، وفق تعبيره.
رئاسة المجلس تدخل على الخط
من جانبه، شدد رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، على أن الحفاظ على الانسجام التشريعي مع دستور المملكة يفرض تعديل المادة 41، موضحًا أن الاستمرار في اشتراط 21 سنة يتعارض مع النص الدستوري الصريح الذي جعل سن الرشد القانوني هو 18 سنة، سواء للتصويت أو الترشح.
نحو ورش تشريعي أوسع؟
الاتفاق شبه العام داخل البرلمان على ضرورة مراجعة مدونة الانتخابات لا يلغي التباين بشأن توقيت وشكل الإصلاح. ففي حين تطالب بعض الأطراف بتدخل تشريعي عاجل لمعالجة الاختلالات القانونية الواضحة، ترى أخرى أن الأمر يحتاج إلى نقاش سياسي ومؤسساتي معمق يشمل مدونة الجهوية والقوانين التنظيمية المرتبطة بها.
وفي ظل اقتراب نهاية الولاية التشريعية، يبدو أن المقترح سيوضع على الرف مؤقتًا، في انتظار توفر الشروط السياسية والبرلمانية الملائمة لخوض ورش تشريعي متكامل يعيد ترتيب العلاقة بين الدستور والقوانين الانتخابية.