في رحلة تعيدنا إلى الماضي بقصص رحلات المغاربة إلى البيت العتيق لأداء مناسك الحج على متن الجمال والدواب والأقدام، تمكن الرحالة المغربي الشاب عياد المفتحي من الوصول إلى مكة المكرمة قادمًا من المغرب في رحلة طويلة امتدت لآلاف الكيلومترات على متن دراجة هوائية.
مسلحًا بدعاء الوالدين ورغبة قوية في تحقيق حلم زيارة الديار المقدسة وأداء مناسك الحج، بدأ عياد (28 عامًا) “رحلة الحج الكبرى” في أغسطس 2022 من مدينة الجديدة مسقط رأسه، مرورًا بدول عديدة مثل موريتانيا والسنغال والغابون وغينيا وكوت ديفوار وجنوب إفريقيا وناميبيا ومصر، متحملًا مشاق الرحلة وأعباء الطريق وعينه على البيت العتيق.
قال عياد، الذي التقته وكالة المغرب العربي للأنباء قبالة جبل الرحمة بمشعر عرفات، أثناء أداءه ركن الوقوف بعرفة، “لطالما راودني حلم خوض رحلة الحج منذ الصغر. وبعد رحلات قمت بها على متن دراجتي إلى دول عديدة، قررت تحقيق هذا الحلم على طريقة أجدادنا السابقين الذين كانوا يحجون على ظهر الدواب، وكانت وسيلتي في ذلك دراجتي الهوائية”.
بوجه مستبشر يرشح منه بعض العرق نتيجة الحرارة المرتفعة في مشعر عرفات، استحضر عياد السعادة التي غمرته حين وصل مكة المكرمة في رمضان المنصرم على متن دراجته مرتديًا لباس الإحرام، وحلمه قاب قوسين أو أدنى من التحقق.
وقال عياد “كنت متلهفًا منذ اليوم الأول لرحلتي لتلك اللحظة”. وعندما اكتحلت عيناه بالكعبة المشرفة، أضاف “شعرت بـ’تبوريشة’ (رعشة) سرت في بدني لأنني بلغتها بعد كل الصعوبات التي اعترضتني في رحلتي”.
واجه عياد تحديات عديدة تتصل بطبيعة التضاريس ووعورة الطرق. يتذكر الرحالة المغربي كيف قطع مسافة 350 كيلومترًا بين الغابون والكونغو برازافيل عبر طرق غير معبدة وسط الأحراش والغابات والوحل.
وقال عياد إن ما هون هذه الصعوبات هو الشغف بالمغامرة والدعم وتشجيع الناس في كل الدول التي مر عبرها، بمن فيهم أبناء الجالية المقيمة بها.
وفي المملكة العربية السعودية، حظي عياد بكرم ضيافة أهلها، حيث فتحت سيدة كريمة من أبناء مكة المكرمة أبواب منزلها له ليقضي فيه طيلة مدة مقامه في الديار المقدسة مع أبنائها وكأنه واحد منهم.
يريد عياد من خلال هذه الرحلة الحجية تمرير رسائل عديدة، منها التذكير بتعلق المغاربة الراسخ بمهبط الوحي وأرض النبوة، وكرم المسلمين عبر مختلف الدول التي يزورها، وعنايتهم بعابري السبيل، والتعريف بقيم التسامح والتعارف التي يدعو لها الإسلام، ورفع العلم المغربي والتعريف بثقافة البلد في كل المحطات التي ينزل فيها.
ومن الرسائل التي يحرص الرحالة الشاب على تقاسمها مع متابعيه ومعجبيه على مواقع التواصل الاجتماعي، قال: “عادة ما نألف البقاء في منطقة الراحة، لكن لنطور أنفسنا يجب أن نخرج من هذه المنطقة ونتعلم أمورًا جديدة، ونتجرأ على اتخاذ خطوات دون خوف. هكذا، يمكن أن تتغير حياتنا 360 درجة للأفضل”.