في ظل ظرف دولي دقيق ومشحون بالتوترات الجيوسياسية، أكد السفير عمر هلال، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، أن إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل يظل هدفًا صعبًا لكنه غير مستحيل، مشددًا على أهمية الحوار والدبلوماسية لبناء نظام أمن جماعي شامل ومستدام في المنطقة.
جاء ذلك خلال ترؤس الدبلوماسي المغربي، اليوم الإثنين بالعاصمة الأردنية عمّان، لاجتماع لجنة العمل الثالثة في إطار المؤتمر السادس لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، والذي يُعقد لأول مرة خارج مقر الأمم المتحدة، بمشاركة دول المنطقة بما فيها إيران، وغياب متواصل لإسرائيل.
وفي كلمة افتتاحية شاملة، أشار هلال إلى أن المؤتمر ينعقد في سياق دولي بالغ التعقيد، تشتعل فيه النزاعات وتتراجع فيه فعالية التعددية، بينما تواجه الأمم المتحدة تحديات متنامية في الحفاظ على مبادئ ميثاقها. وشدد على أن “السلام والأمن الدوليين مرتبطان بشكل وثيق بالسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط”، ما يضاعف مسؤولية الدول الأعضاء في هذا المؤتمر الأممي.
وأكد السفير المغربي أن هناك التزامًا سياسيًا جماعيًا من طرف الدول المشاركة لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، معتبرًا أن “الحوار والتفاوض والدبلوماسية هي السبل الوحيدة القادرة على بناء الثقة المتبادلة وتمهيد الطريق نحو تحقيق هذا الهدف الطموح”.
ولم يفت هلال التنويه بالدور المحوري الذي يلعبه الملك محمد السادس، بصفته رئيس لجنة القدس، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في دعم جهود السلام والاستقرار في المنطقة، مشيرًا إلى أن الطموح الإقليمي ينبغي أن يتجه نحو تحويل منطقة الشرق الأوسط من فضاء لصراع النفوذ وسباق التسلح، إلى مجال حيوي للتنمية والتعاون والازدهار المشترك.
وأوضح أن لجنة العمل الثالثة ستستند في مداولاتها إلى خبرات وتجارب المناطق الخمس الخالية من الأسلحة النووية عبر العالم، والتي تضم أكثر من 100 دولة، في محاولة للاستفادة من نماذج ناجحة تعزز من فرص بناء إطار قانوني وأمني مشترك يخدم السلم في الشرق الأوسط.
ورغم الدعوات المتكررة، تواصل إسرائيل مقاطعة هذا المؤتمر، وهو ما يحد من آفاق التقدم العملي نحو تحقيق الأهداف المرجوة، في وقت تشارك فيه إيران إلى جانب باقي الدول الأعضاء. وتُعقد اللجنة على مدى ثلاثة أيام بمشاركة خبراء وممارسين دوليين من منظمات متخصصة في قضايا نزع السلاح، ما يعزز الطابع العملي والاستشرافي لأعمالها.
ويأتي هذا المؤتمر في لحظة دقيقة تتصاعد فيها التوترات الإقليمية والدولية، وتزداد فيها الحاجة إلى مبادرات نزع السلاح، في ظل تراجع ثقة الشعوب في جدوى المنظومة الأممية الحالية. وفي هذا السياق، يبرز المغرب كطرف فاعل في الجهود الدولية لتعزيز السلم والأمن، عبر مقاربات دبلوماسية متوازنة ومبنية على احترام القانون الدولي.