استقال مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان والقيادي في حزب العدالة والتنمية، وفي اليوم ذاته استقالة إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس المجلس الوطني للحزب. الأول استقال من الوزارة لأسباب صحية، والثاني استقال من المسؤولية الحزبية لأسباب غير واضحة رغم الرسالة التي بعثها للعثماني من ثلاث صفحات.
من سرّب استقالة الرميد وهي مرفوعة لرئيس الحكومة كي يرفعها لجلالة الملك؟ حيث ينص الفصل 47 من الدستور على أنه “لرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم الفردية أو الجماعية”. بمعنى الاستقالة مرسولة من الرميد إلى العثماني كي تصل إلى الديوان الملكي، وبالتالي من المسؤول عن تسريبها في وسائل التواصل الاجتماعي؟
من سرّبها لا يلعب ولكنه يريد إحراج الوزير كي لا يبقى أمامه من خيار. لأن هناك من يتاجر بهذه الاستقالات خدمة لأجندات انتخابية. لكن دعنا من الأجندة كي ننتقل إلى السؤال. الرميد مريض منذ مدة وليس اليوم. لماذا اختار الدقائق الأخيرة من عمر الحكومة كي يقدم استقالته؟ اللعبة مكشوفة. هناك مؤشرات على أن العدالة والتنمية لن يترأس الحكومة لولاية ثالثة، وحتى لو لعب الحظ لمصلحته وفاز بالرتبة الأولى فلن يشارك الرميد في الحكومة بعد عشر سنوات من تولي المناصب الوزارية.
يعرف أنه لن يعود للحكومة مهما كان الأمر ولهذا استبق الأمر بالاستقالة. ليس تشفيا في الرجل، شافاه الله، ولكن مرضه ليس جديدا، وحاول في سابق الأوان أن يوحي بأنه معتكف في منزله احتجاجا على الوضع الحقوقي، حيث تم تسريب هذه المعلومة، التي لم ينفيها، وهو المعروف بمراقبته الدقيقة لما يكتب عنه والرد عليه، وواقع الحال أنه مريض من مدة غير يسيرة لكن ظل متمسكا بالوزارة واليوم يريد القفز من السفينة على مقربة من الميناء الأخير قبل أن تصل إلى المحطة خوفا من أن تصل معطوبة.
استقالة الأزمي مدروسة، فهي أولا لا خسارة فيها إذ تمسك الرجل بكل المناصب التي يحصل فيها على تعويضات مثل عمودية مدينة فاس والتمثيلية في مجلس النواب، بينما استقال من مسؤوليات لا تعويض فيها، وثانيا لأن الأزمي محسوب على تيار الولاية الثالثة التابع لبنكيران، وهو يريد من خلال ذلك الهروب بحزب العدالة والتنمية من أزمته، وإلصاق الأزمة في القيادة الحالية والتوجه نحو اختيار قيادة جديدة لم تكن تتحمل المسؤولية.
وهي طريقة معروفة لدى الحزب منذ زمن وليست جديدة، إذ كلما شعر الحزب بأن المستقبل غير مضمون يضع بيضه في سلتين، وكلما ربحت جهة معينة يكون الحزب هو الرابح، جزء يدافع عن الأمر والثاني يدافع عن نقيضه وبالنتيجة يكون الحزب رابحا لأن التوجه الذي فاز هو الذي سيمثل العدالة والتنمية ويكون الحزب هو الرابح.