قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان يوم الجمعة 11 أبريل الجاري مذكرة حقوقية تتضمن أكثر من 100 توصية تتعلق بمشروع قانون رقم 03.23 الخاص بتغيير القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية وتتميمه.
وتستند مذكرة المجلس إلى منظومة مرجعية متكاملة تشمل الدستور المغربي، الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة، المعايير الدولية، مبادئ منديز وتوصيات الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، فضلا عن الممارسات والاجتهادات القضائية الفضلى. وتهدف هذه التوصيات إلى تعزيز ضمانات العدالة الجنائية وتكريس مبدأ دولة الحق والقانون.
هكذا توزعت توصيات المجلس وملاحظاته على:
-
79 توصية خاصة تتناول مقتضيات صريحة محددة في مشروع القانون.
-
24 توصية عامة تتعلق بقضايا بنيوية واستراتيجية لم يشملها المشروع، لكنها تستدعي المعالجة لضمان التوافق مع المعايير الدستورية والدولية.
وتغطي التوصيات 42 موضوعًا رئيسيًا، تتفرع عن أربعة مبادئ أساسية:
-
تكريس مبدأ دولة الحق والقانون:
تشدد التوصيات على خضوع السلطات التنفيذية والقضائية لقيود المشروعية والضرورة والتناسب في أي إجراء قد يمس بالحقوق والحريات. من ضمن المقترحات: التنصيص على إمكانية الاستماع إلى المشتبه فيه دون إخضاعه للحراسة النظرية، ضمان حقوق الدفاع، وإقرار حق المشتبه فيه في الإعلام الفوري بمدة الحراسة النظرية وشكليات تنفيذها، وإمكانية الطعن أمام جهة قضائية مستقلة. -
ضمانات المحاكمة العادلة:
المحاكمة العادلة تشكل شرطًا أساسيًا لشرعية الإجراءات القضائية. من بين التوصيات في هذا السياق: تمكين المشتبه فيه من الاتصال بمحاميه منذ التوقيف، تقليص مدد الحراسة النظرية، واعتماد التوثيق السمعي البصري كضمانة إجرائية. -
التكافؤ والتوازن بين أطراف الدعوى:
تُعتبر هذه التوصيات ضمانة جوهرية لاستقلال القضاء وحياده، من خلال تمكين الدفاع من ممارسة حقوقه على قدم المساواة مع سلطة الاتهام. كما تشمل ضمان حضور المحامي منذ لحظة الشروع في تنفيذ الحراسة النظرية، وتيسير سبل الاطلاع على ملف الشرطة القضائية. -
الشمولية ومراعاة الفئات الهشة:
تهدف التوصيات إلى مراعاة الخصوصيات المتعلقة بالوضعية الاجتماعية أو الجسدية أو النفسية للأفراد. ومنها: مراعاة النوع الاجتماعي في حالات العنف ضد النساء، تفعيل مبدأ التيسير الإجرائي في قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة، ومقاربة وضعيات الأطفال في المسطرة من منظور المصلحة الفضلى للطفل.
رؤية حقوقية للعدالة الجنائية
في ملاحظاتها، أكدت السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن هذه التوصيات تعبر عن التزام المجلس بالمساهمة في بناء مسطرة جنائية تراعي الهندسة الدستورية وتحمي الحقوق والحريات. وأوضحت أن المسطرة الجنائية ليست مجرد أداة إجرائية، بل هي تعبير عن رؤية المجتمع للعدالة، حيث يُخضع تدخل السلطة لضوابط قانونية تحقق التوازن بين حماية الأمن العام وصون الحقوق والحريات.
وشددت السيدة بوعياش على أن جميع الأشخاص، مهما كانت وضعياتهم أو طبيعة النزاع الذي يواجهونه مع القانون، يستحقون ضمان كرامتهم والتمتع بشروط الإنصاف والعدالة. كما أكدت أن الموقوف ليس مجرد رقم أو ملف، بل هو شخص له قصة وأمل في غدٍ أفضل وفي العودة إلى المجتمع.