أكد المعهد الملكي للخدمات المتحدة، أحد أبرز مراكز التفكير في المملكة المتحدة، أن المغرب أصبح فاعلًا رئيسيًا في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الساحل، مستفيدًا من موقعه الاستراتيجي وشراكاته المتعددة.
في تحليل أعده ثلاثة خبراء بارزين في القضايا العسكرية والأمنية، أشار المعهد إلى أن المغرب نجح خلال السنوات الأخيرة في تعزيز موقعه كقوة استقرار في المنطقة، مستخدمًا أدوات دبلوماسية واقتصادية وأمنية لتحقيق التنمية المستدامة. ومن بين المبادرات البارزة التي عززت هذا الدور، تبرز “المبادرة الأطلسية”، التي أطلقها الملك محمد السادس، وتهدف إلى تمكين دول الساحل غير الساحلية من الوصول إلى الطرق التجارية البحرية عبر البنية التحتية للموانئ الأطلسية المغربية.
يؤكد التقرير أن هذه المبادرة تعد من أكثر المشاريع طموحًا، حيث تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على الممرات التجارية غير المستقرة، وهو ما سيساهم في محاربة عدم الاستقرار والإرهاب والاتجار غير المشروع في المنطقة. كما أشار المعهد إلى أن هذه الخطوة تتماشى مع مصالح المملكة المتحدة، التي تسعى إلى دعم الأمن والتنمية في الساحل الإفريقي.
لم يقتصر دور المغرب على الجانب الأمني فقط، بل امتد إلى استثمارات استراتيجية في البنية التحتية والقطاع البنكي والاتصالات، مما يعكس التزامه بتعزيز الترابط الاقتصادي كوسيلة فعالة لمكافحة التطرف وتعزيز الشراكات المستدامة. ومن بين المشاريع الكبرى التي تعزز هذا التوجه، مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، الذي يهدف إلى ربط الموارد الطاقية لغرب إفريقيا بشمال إفريقيا وأوروبا، في إطار شراكات جيو-اقتصادية أوسع نطاقًا.
ورغم التحديات الأمنية والدبلوماسية التي تواجه المنطقة، فإن المغرب يواصل لعب دور حيوي في إرساء الاستقرار الإقليمي. ويؤكد التحليل أن هذه الدينامية تعززت عبر شراكات استراتيجية مع أوروبا والمملكة المتحدة، مما يجعل المغرب شريكًا موثوقًا في قضايا الأمن والتنمية في الساحل الإفريقي.
جدير بالذكر أن المعهد الملكي للخدمات المتحدة، الذي تأسس عام 1831، يُعد من أقدم مراكز الأبحاث المختصة بالشؤون العسكرية والأمنية في العالم، ويضم في عضويته دبلوماسيين وضباطًا عسكريين ومسؤولين سياسيين، حيث يركز على تحليل القضايا الأمنية والاستراتيجية العالمية.