أثارت دعوة جلالة الملك محمد السادس نصره الله إلى عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد هذا العام تفاعلًا واسعًا في الأوساط الدينية والاقتصادية والاجتماعية، حيث جاءت هذه التوصية في ظل أزمة نقص الماشية وتداعياتها على السوق المحلية.
وفي هذا السياق، وصف المفكر الإسلامي أبو زيد المقرئ الإدريسي القرار بـ”الحكيم”، معتبرًا أنه جاء في توقيت مناسب وبمهلة كافية، مما أتاح للمغاربة، وخاصة التجار، فرصة التأقلم مع المستجدات دون ارتباك. وأوضح الإدريسي، في تصريح لـ«أشطاري »، أن القرار لم يُفرض بشكل إلزامي، بل جاء على شكل ملتمس يأخذ بعين الاعتبار تحديات المرحلة.
وأشار الإدريسي إلى أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجهها فئات واسعة من المجتمع جعلت قرار الامتناع عن الذبح هذا العام أكثر منطقية، إذ تعاني العديد من الأسر من صعوبات في توفير ثمن الأضحية، ما يدفع بعضها إلى الاستدانة أو بيع ممتلكات من أجل إحياء هذه الشعيرة.
فارق بين العيد والأضحية
وأضاف الإدريسي أن القرار يفتح بابًا للنقاش حول الفرق بين “عيد الأضحى” و”الأضحية”، مشددًا على أن المغاربة باتوا يربطون المناسبة بذبح الأضاحي، في حين أن جوهر العيد يتمثل في الصلاة، والتراحم، والتزاور، والصدقة. وأكد أن الأضحية تبقى سنة مؤكدة وليست فريضة، وبالتالي فإن الامتناع عنها هذا العام لا يمس بجوهر الشعيرة الدينية.
كما رأى الإدريسي أن الامتناع عن ذبح الأضاحي يمكن أن يُوظف في تعزيز التضامن الاجتماعي، حيث يمكن للميسورين التبرع بقيمة الأضحية لمساعدة الأسر المحتاجة، سواء بشراء اللحم لها أو بتقديم دعم مباشر لتلبية احتياجاتها الأساسية.
حماية القطيع واستقرار السوق
على المستوى الاقتصادي، أوضح الإدريسي أن هذا القرار يساهم في الحفاظ على القطيع الوطني، الذي يشهد تراجعًا في أعداده بنحو 38%، وفق تقديرات رسمية. وحذر من أن استمرار الوضع دون تدخل قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة، خاصة مع الارتفاع الحاد في أسعار الأعلاف وتزايد الضغوط على الميزان التجاري والعملة الصعبة.
وشبّه الإدريسي هذا الإجراء بالتدابير الاستباقية التي يعتمدها المغرب في مجالات أخرى، مثل حملات الترشيد في استهلاك المياه أو الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري، التي تهدف إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية.
وكان وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق قد تلا، الأربعاء الماضي، رسالة ملكية دعا فيها الملك محمد السادس المغاربة إلى عدم ذبح الأضاحي هذا العام، نظرًا للتراجع الكبير في أعداد الماشية وما يترتب على ذلك من تداعيات اجتماعية واقتصادية.