شكل تقديم الدليل العملي لتجويد الأبحاث الجنائية، في إطار شراكة بين المديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الملكي، تتويجاً لمسار طويل من التنسيق والتعاون بين مختلف الفاعلين في المنظومة الجنائية، و عرف حضور مسؤولين كبار في مجال العدالة والأمن، إلى ترسيخ مرجعية موحدة في الأبحاث الجنائية، وتعزيز آليات التخليق وتحسين جودة المساطر.
وأكد محمد الدخيسي، مدير الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني ومدير مكتب الإنتربول بالمغرب، أن اللقاء يهدف إلى تحيين وتنشيط الدليل العملي للأبحاث الجنائية لفائدة ولاة الأمن ورؤساء القيادات الجهوية، إلى جانب وكلاء الملك والوكلاء العامين، بغية اعتماده كمرجع موحد في العمليات الجنائية والتواصل المهني السليم.
وأضاف الدخيسي أن اليوم الأول من اللقاء أثمر توصيات هامة، أبرزها الإجماع على إصدار دليل عملي شامل للأبحاث الجنائية.
من جانبه، أوضح مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، أن اللقاء يندرج في إطار التواصل والتنسيق المستمر مع مصالح الشرطة القضائية التابعة للأمن الوطني والدرك الملكي، كما يمثل مناسبة لعرض دليل استرشادي يوحد التوصيات المستخلصة من سلسلة من اللقاءات التكوينية التي انطلقت منذ سنة 2021، والتي جمعت بين النيابة العامة والشرطة القضائية لتحسين جودة الأبحاث الجنائية.
وشدد الداكي على أن هذا الدليل سيمكن من توحيد منهجية العمل بين ضباط الشرطة القضائية وقضاة النيابة العامة، كما سيساهم في تتبع الأبحاث داخل آجال معقولة، وتحقيق النجاعة في معالجة الملفات.
وفي سياق متصل، كشفت رئاسة النيابة العامة عن انخفاض غير مسبوق في نسبة الاعتقال الاحتياطي، التي بلغت 31.79% مع نهاية دجنبر الماضي، وواصلت انخفاضها لتصل إلى 29.85% بنهاية مارس المنصرم.
وأوضح زكرياء العروسي، رئيس وحدة تتبع تنفيذ المقررات القضائية والتدابير الزجرية برئاسة النيابة العامة، خلال ندوة نظمتها المؤسسة على هامش المعرض الدولي للنشر والكتاب، أن هذا التراجع يعكس مجهوداً كبيراً في ترشيد الاعتقال الاحتياطي، مشيراً إلى أن نسبة الاعتقال من بين الأشخاص المقدمين بلغت 15.63% فقط، من أصل 638.544 شخصاً تم تقديمهم.
وأضاف العروسي أن أحكام البراءة الصادرة في حق المعتقلين الاحتياطيين عرفت بدورها تراجعاً كبيراً، إذ انخفض عددها من 4107 في سنة 2015 إلى 1129 حكماً في الوقت الحالي، مشدداً على أن هذه البراءات لا تعني بالضرورة وجود خطأ في قرار المتابعة، بل تعود غالباً لتغيرات في مسار القضايا، مثل تراجع الشهود أو ظهور معطيات جديدة.
ويعكس هذا اللقاء الوطني وما رافقه من معطيات وتوصيات، إرادة قوية لدى مختلف الفاعلين في العدالة الجنائية لتجويد المساطر وتعزيز الضمانات القانونية، بما يساهم في تكريس الثقة في المؤسسات وتحقيق العدالة الناجعة.