أثار نائب برلماني ينتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، موجة من الجدل تحت قبة البرلمان، بعد دعوته إلى تعديل القوانين الانتخابية بما يسمح بإسناد صلاحية منح التزكيات للترشح في الانتخابات إلى وزارة الداخلية، بدل الأحزاب السياسية، بدعوى الحفاظ على «هيبة المؤسسات المنتخبة».
وجاءت مداخلة عبد الحي حرطون، رئيس جماعة طرفاية وعضو الفريق النيابي للأحرار، خلال اجتماع لجنة الداخلية والجماعات الترابية بمجلس النواب، الثلاثاء، مخصصة لمناقشة مشروع قانون يتعلق بجبايات الجماعات الترابية، بحضور وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت.
ووسط موجة من الضحك تعالت داخل القاعة، بما في ذلك من جانب وزير الداخلية، انتقد حرطون بشدة بعض ممارسات التزكية الحزبية، معتبراً أن عدداً من الأحزاب السياسية أصبحت «تمنح التزكيات لأي شخص يصادفونه في الشارع»، دون مراعاة لمؤهلاته أو صورته العامة، قائلاً: «نشوفو دراري صغار لابسين دجين مقطع ومحسنين راسهم، وفاش كيكونو فالدورات كيسمعوك كلام متقدرش ترد عليه»، متسائلاً بسخرية: «أش هاد المستنقع لي لحت فيه راسي؟».
وأضاف أن ظاهرة «الترشح غير المؤطر» باتت تسيء إلى صورة المجالس المنتخبة وتضعف جاذبية العمل السياسي، داعياً إلى سن شروط أكثر صرامة على الترشح، تضمن الكفاءة والخبرة والانضباط المؤسساتي، بل اقترح أن تصبح «تزكية العضوية» صادرة عن السلطات الترابية ممثلة في الولاة والعمال، إلى جانب الأحزاب، للحفاظ على «هيبة الدولة والمجالس المنتخبة».
مقترح حرطون سرعان ما أثار تفاعلاً داخل اللجنة النيابية، بين من تعامل معه بسخرية لحدة ألفاظه، ومن رآى فيه محاولة لإعادة النقاش حول جدلية العلاقة بين السلطة السياسية والإدارة الترابية، في ضوء التحولات التي عرفها المشهد الحزبي المغربي بعد دستور 2011، الذي عزز استقلالية الأحزاب ودورها في الوساطة السياسية.
ويرى متابعون أن التصريح يعكس توتراً صامتاً داخل بعض المؤسسات المنتخبة، إزاء ما يعتبره البعض «تساهلاً حزبياً» في اختيار المرشحين، مقابل ما يصفه آخرون بأنه تعبير عن نخب تقليدية منزعجة من صعود جيل جديد من المنتخبين الشباب، الذين يعبرون عن أنفسهم بأشكال غير معهودة، في اللباس أو الخطاب أو الخلفية الاجتماعية.
ورغم الطابع المثير للجدل الذي اتخذته المداخلة، فإنها فتحت النقاش مجدداً حول المعايير الأخلاقية والمؤسساتية للترشح للانتخابات، في ظل استعداد المغرب للدخول في مرحلة مفصلية تسبق تنظيم مونديال 2030، وما تفرضه من تحديات على صعيد تدبير الشأن المحلي وتعزيز صورة المؤسسات.