صعّدت فرنسا من لهجتها تجاه الجزائر، محمّلة إياها مسؤولية القطيعة الدبلوماسية القائمة بين البلدين، ومنددة بما وصفته بـ«القرار العنيف» بطرد 12 دبلوماسياً فرنسياً من الأراضي الجزائرية. كما دعت السلطات الجزائرية إلى «إظهار شيء من الإنسانية» إزاء الكاتب الفرنسي – الجزائري بوعلام صنصال، المحكوم بالسجن لمدة خمس سنوات.
وقال وزير الخارجية الفرنسي، جون نويل بارو، في تصريحات أدلى بها مساء الثلاثاء لشبكة RTL، إن «الوضع مع الجزائر يعيش حالة جمود»، مؤكداً أن السفير الفرنسي لدى الجزائر، ستيفان روماتي، لا يزال في باريس، بعد أن استدعاه الرئيس إيمانويل ماكرون للتشاور، عقب الأزمة الدبلوماسية الأخيرة.
وأوضح بارو أن الأزمة تفجرت عقب قيام الجزائر باعتبار 12 موظفاً دبلوماسياً فرنسياً أشخاصاً غير مرغوب فيهم، واصفاً القرار بأنه «عنيف جداً»، وأكد أن بلاده ردت بالمثل على هذا الإجراء. وأشار إلى أن «الطرف الجزائري يتحمل المسؤولية الكاملة عن حالة الجمود الحالية».
وفي خضم التصعيد، أعرب الوزير الفرنسي عن قلقه إزاء وضع الكاتب بوعلام صنصال، المعتقل في أحد سجون الجزائر، والموجود حالياً في المستشفى. وقال بارو إن «صنصال رجل يبلغ من العمر 80 عاماً، ويعيش في عزلة عن أصدقائه»، داعياً السلطات الجزائرية إلى «إظهار شيء من الإنسانية» تجاهه.
ورغم اللهجة الحادة، شدد وزير الخارجية الفرنسي على أن باريس لا ترغب في تحويل الخلاف مع الجزائر إلى موضوع للنقاش الداخلي الفرنسي، قائلاً: «لدينا مصلحة في ألا نجعل من الجزائر موضوعاً للسياسة الداخلية»، وأضاف: «عندما نفعل ذلك، فإننا نعرّض مواطنينا الفرنسيين – الجزائريين للضرر».
ويأتي هذا التصعيد في أعقاب سلسلة من التوترات المتصاعدة بين البلدين، آخرها منتصف أبريل الماضي، عندما وصف بارو، في مقابلة مع قناة France 2، قرار الجزائر طرد موظفي السفارة الفرنسية بأنه «لن يمر دون عواقب»، ملوّحاً برد «بأكبر قدر ممكن من الحزم».
وفي السياق ذاته، أفادت مصادر إعلامية فرنسية بأن الجزائر قررت طرد الدبلوماسيين الفرنسيين على خلفية ما اعتبرته «خرقاً أمنياً خطيراً»، بعد اعتقال أحد عملاء أجهزتها الاستخباراتية في فرنسا، بتهمة التورط في محاولة اختطاف المعارض الجزائري أمير دي زاد.
ورغم محاولات التهدئة في السابق، فإن العلاقات الثنائية لا تزال تعيش على وقع التوتر، وسط غياب أي مؤشرات فعلية على إعادة تطبيع العلاقات أو عودة السفير الفرنسي إلى الجزائر، في وقت تتزايد فيه الدعوات إلى الفصل بين الملفات الأمنية والسياسية والثقافية.