المديرية العامة للأمن الوطني تؤكد مرة أخرى أنها فوق أدوارها الدستورية والقانونية تقوم بدورها الأخلاقي تجاه الوطن والمواطن. دور التربية على “المواطنة”. هذا ما يوحي به إلينا اليوم الدراسي الذي نظمته بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة حول موضوع: ”حماية الثروة الغابوية والوحيش مسؤولية قانونية وواجب وطني”، بشراكة مع الوكالة الوطنية للمياه والغابات.
دور الأمن الأول هو إنفاذ القانون ومنع انتهاكه والتصدي للظواهر الإجرامية، لكن هذه الأدوار التي تقوم بها المديرية العامة لألمن الوطني، بإدارة عبد اللطيف حموشي، والتي أكدت على جدارتها فيها، لم تمنعها بالقيام بأدوار التربية على “المواطنة”.
فالحياة الطبيعية لا تختلف في شيء عن حياة البشر بل هي موطنها الأول، ولهذا نجد في هذا التفاعل روحا وفلسفة توحي بأن من يقوم على تدبير هذا المرفق العمومي لا يفهم الأمن بمعناه الضيق، ولكن يتسع لديه الفهم ليشمل كل قضايا الحياة بما فيها الحياة الطبيعية.
وهكذا تتم ملاحظة اهتمام اليوم الدراسي بتناول آليات الشراكة والتنسيق بين المؤسسات العمومية من أجل حماية الحياة الطبيعية على المستوى الوطني، فضال عن دور التكوين المتخصص وتبادل الخبرات والمعطيات التقنية والعلمية والقانونية في زجر مختلف الجرائم والسلوكيات السلبية التي تهدد الثروة الغابوية والبرية الوطنية. هي حزمة كاملة ومتكاملة، تتضمن دور الشرطة والقضاء في صيانة الفضاء الغابوي والوحيش، خصوصا في الشق المتعلق بالمنازعات الغابوية، فضلا عن البحث الجنائي وآليات التعاون الأمني الدولي في مجال حماية الفضاء الطبيعي الغابوي.
مزج الخبرات الأمنية والقضائية بالميدانية للمتخصصين في الغابات هدف كبير يحتاجه المغرب في ظل التزايد الكبير لتدمير الغابات عبر الإتلاف والحرائق، ولهذا تتميز الشراكة بين المؤسستين بهذه الروح العميقة في خدمة المصلحة العليا للوطن والمواطن عبر التربية على “المواطنة” وعبر تفعيل الآليات الكفيلة بحماية الحياة الطبيعية، التي تتعرض لتهديد وجودي. الشراكة بين المؤسستين تتضمن مجموعة من مجالات التعاون الثنائي، والتي تبقى من أبرز مضامينها مواكبة وتوطيد استراتيجية التكوين وتبادل الخبرات والكفاءات في مختلف مجالات حماية الفضاء الطبيعي الغابوي والحياة البرية، بما يضمن تعزيز سيادة القانون وحماية مصالح الموظفين، وترسيخ الحكامة في المرفق العام.
عندما نقول إن الحياة الطبيعية تتعرض لتهديد وجودي، أي أن مجال حياة الإنسان معرض للخطر نتيجة مغامرات المقامرين بأرواح الناس، وبالتالي فإن هذا التفكير بين المؤسستين بهذا العمق يعني الإحساس العميق بالخطر الداهم، الذي يهدد وجودنا، يعني الحكاية ال تقف عند أدوار قانونية لمؤسستين عموميتين ولكن أدوار أخلاقية تستدعي استيباق الواقعة التي يمكن أن تنزل على رؤوسنا جميعا وتهد المعبد على من فيه.
التفكير الاستباقي والاستراتيجي الوقائي هو ديدن مؤسسة الأمن في كل السياقات من مكافحة الإرهاب إلى مطاردة شبكات الجريمة المنظمة والشبكات الدولية لتهريب المخدرات وصولا إلى حماية الحياة الطبيعية.