في خطوة أصبحت تقليداً سنوياً يعكس يقظة المؤسسات المعنية إزاء التحولات المناخية، قدمت المديرية العامة للأرصاد الجوية، صباح اليوم الجمعة 20 يونيو بالرباط، تقريرها السنوي حول “حالة المناخ بالمغرب لسنة 2024″، وذلك خلال لقاء رسمي حضره وزير التجهيز والماء، نزار بركة، إلى جانب عدد من الفاعلين في مجال البيئة والمناخ.
الوزير بركة لم يُخفِ خلال كلمته التحذيرية أن التقرير لم يعد مجرد وثيقة تقنية أو بيئية عابرة، بل صار أداة استراتيجية مرجعية تؤطر التخطيط الترابي والسياسات الاقتصادية والاجتماعية في زمن أصبحت فيه المعلومة المناخية “أداة للتخطيط والتكيف”، على حد تعبيره. ودعا الوزير إلى دمج هذه المعطيات في صلب السياسات العمومية والاستثمارات، مشدداً على ضرورة الاستفادة من الطفرة التكنولوجية، لاسيما عبر تعزيز الرصد بالأقمار الصناعية، واستعمال الذكاء الاصطناعي لتحسين دقة التوقعات والنماذج الاستشرافية.
أما من جهة المعطيات العلمية، فقد كشف المدير العام للأرصاد الجوية، محمد الدخيسي، عن أرقام مقلقة تعكس واقعاً مناخياً غير مسبوق:
2024 كانت السنة الأشد حرارة في تاريخ المغرب، بمتوسط انحراف حراري بلغ 1.49 درجة مئوية عن المعدل المرجعي (1991-2020). ويواكب هذا الارتفاع الخطير في درجات الحرارة منحىً عالمياً متصاعداً، إذ وصلت الحرارة العالمية إلى 1.55 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
ورغم أن صيف 2024 كان أقل حدة من صيف 2023، إلا أنه سجل موجات حر شديدة، كان أبرزها يوم 23 يوليوز حين قاربت درجات الحرارة الـ48 درجة مئوية بكل من بني ملال ومراكش.
في الجانب الهيدرولوجي، لم تكن الأخبار أكثر تفاؤلاً. فقد سجل المغرب عجزاً مطرياً وطنياً بنسبة 24.8%، مما يؤكد استمرار موجات الجفاف للسنة السادسة على التوالي، في وقت لم تنجح الأمطار الموضعية القوية في مناطق الأطلس والجنوب الشرقي والشرق في قلب هذا الاتجاه، رغم تسببها في فيضانات مفاجئة وخسائر بشرية، بل وحتى في عودة مؤقتة لبحيرة إيريكي بعد خمسين عاماً من الجفاف.
الرسالة الأهم التي حملها التقرير، كما عبر عنها الوزير، ليست فقط في الأرقام، بل في الدعوة إلى التحرك الجماعي والمسؤول، لتكون المعطيات المناخية أساساً لصياغة مستقبل أكثر أماناً واستدامة، قبل أن تتحول مؤشرات اليوم إلى كوارث الغد