للمغرب رؤيته للأمور للعلاقات والتشبيكات الدولية، لهذا هو ليس دائما متسرعا في التعبير عن المواقف، وذلك تحت مبدأ الدعوة للسلم والسلام في العالم، وهذا توجه ثابت لدى المغرب الذي يرى في الحروب دمارا للجميع وتأثيراتها تمس الجميع، لأن العالم سفينة واحدة لا يمكن السماح لمن “لا عقل لهم” بخرقها حتى يدخلها الماء وتغرق، والمغرب يتحرك في حدود ما راكم من علاقات دولية.
لكن هذا الأمر لا يمنع من أن يكون للحكومة رؤية. الحكومة باعتبارها الجهاز التنفيذي المكلف بتدبير الشأن العام للمغاربة في كل الأحوال والظروف، كان عليها باللازم قانونا ودستورا أن تخرج لتوضح للمغاربة ما الذي ينبغي القيام القيام به. ليس مطلوبا من الحكومة أن تتخذ موقفا، وهذا شأن الدولة المغربية ذات السيادة، ولكن أن تتخذ إجراءات بعد أن تكون قد حددت تداعيات الحرب علينا.
صحيح أننا من حيث الجغرافية نبتعد عن منطقة الصراع، لكن من ينظر للعالم بهذه الطريقة هو واحد من إثنين، إما حكومة استطاعت تحقيق الاكتفاء الذاتي في الحد الأدنى الذي يستطيع تمكين المغاربة من مواصلة حياتهم دون اضطراب، أو حكومة لا تفهم معنى الجغرافية.
فيما يخص الاكتفاء الذاتي من المواد الأساسية، فمعروف الحجم الذي وصلنا إليه من حيث استيراد أغلب ما نأكل بفعل سياسات “المخطط الأخضر”، حيث أصبحنا نستورد ما كنا نصدر، واكتفينا بتصدير الفواكه المستنزفة للفرشة المائية، وبالتالي هذه الفرضية غير موجودة ولا يمكن اعتبارها.
أما الفرضية الثانية وهي الصحيحة، ومن ينظر إلى الجغرافية هي هذه الحدود التي تربطنا بجيراننا فهو واهم، وكي تفهم هذه الحكومة، التي لا تستوعب الدروس، فخلال الحرب السورية عمد المغرب إلى تعديل قانون مكافحة الإرهاب ليشمل الإشادة بالإرهاب والمشاركة في بؤر التوتر استعدادا لعودة المقاتلين. فحدود المغرب كما تراها المؤسسة الأمنية هي حيث يتحقق الأمن القومي للمغرب. حيث تشمل الحماية كل الجغرافية التي يوجد فيها مغربي يقاتل إلى جانب الجماعات الإرهابية.
فحدود المغرب بالنسبة للحكومة هي الجغرافية التي تتحقق فيها السيادة الغذائية والأمن الغذائي. في أي بقعة في العالم ارتباط للمغرب بما يستورد فتم جغرافيته. أليست روسيا المزود الأول للمغرب بالحبوب؟ ولهذا لا يمكن تفادي تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
اليوم تجري في الشرق حرب لها تأثير كبير على التزود بالوقود وقد بدأت من الآن، وهذا قبل أن يتأثر معبر باب المندب، ومضيق هرمز من الحرب وهي احتمالات واردة إذا استعت دائرتها.
سيكون للحرب تأثيرات أردنا أو لم نرد. فما نحن فاعلون قبل أن يقع في الفأس في الرأس؟ كيف نحمي الأمن الغذائي للمواطنين المغاربة؟ كيف نحصن سلاسل التوريد؟ كيف نحمي الأسعار؟ أو تعمل الحكومة مثل السابق: ترتفع الأسعار وتبررها بالحرب؟