كشف تقرير دولي ، أن الإصلاحات السياسية والتنظيمية التي أجراها المغرب، دفعت مجموعة العمل المالي الدولية إلى إزالة البلاد من القائمة الرمادية، معلنة أن المغرب “لم يعد خاضعا لمراقبة متزايدة من قبل مجموعة العمل المالي”.
واوضح التقرير أن الهيئة الرقابية أكدت أن المغرب “عزز فعالية نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب” من خلال “تحسين آليات التعاون الدولي، وتعزيز الإشراف على مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، و تعزيز شفافية الأشخاص الاعتباريين”، وهكذا فإن إصلاحات جهاز الشرطة في البلاد تعني أيضًا أن المغرب أصبح الآن في وضع أفضل لمصادرة عائدات الجريمة وإجراء عمليات مالية ناجحة.
واعتبر التقرير، أن التأثير الأول المحتمل غير مباشر؛ من المرجح أن تؤدي هذه الخطوة إلى تحسين سمعة الرباط بشكل كبير بين المستثمرين الأجانب وتقليل مستوى المخاطر فيها، مما يشجع بدوره المزيد من المستثمرين على تخصيص رأس المال للمغرب، بعدما صرحت الحكومة المغربية أن قرار مجموعة العمل المالي “سيعزز صورة المغرب ومكانته في المفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية، فضلا عن ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد الوطني”.
وانخفض الاستثمار الأجنبي المباشر في المغرب انخفاضا طفيفا بين عامي 2021 و 2022، ويرجع ذلك جزئيا إلى قرار مجموعة العمل المالي، لكن انخفاض مستوى المخاطر قد يسمح أيضا للمغرب باستعادة جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر. وتجلت الأهمية الاقتصادية المحتملة لهذه الخطوة على الفور في بورصة الدار البيضاء، حيث ارتفع المؤشر الرئيسي بنسبة 1.6 في المائة عقب إعلان مجموعة العمل المالي.
تكتسي هذه الخطوة أهمية بشكل خاص في سياق الديون السيادية، بعدما أعلن المغرب عن خطط لإصدار سندات مقومة بالدولار، وتفويض بنوك الاستثمار العالمية BNP Paribas وCitiو Deutsche Bank و JP Morgan بإدارة عملية إصدار أول سندات له لمدة عامين. بالتالي يجب أن تؤدي السمعة المحسنة في الأسواق الدولية إلى زيادة الطلب على هذه السندات ورفع مقدار رأس المال الذي يمكن للمغرب أن يرفعه وخفض تكاليف الاقتراض.
وأشار التقرير، الى أنه لا تزال هناك تحديات اقتصادية تواجه المغرب لكي يتعامل معها. على سبيل المثال ، تواجه البلاد أسوأ موجة جفاف تشهدها منذ ثلاثة عقود ، مما أدى إلى تراجع الصادرات الزراعية المغربية وزيادة التضخم المحلي، حيث ارتفعت الأسعار إلى أعلى مستوى تاريخي بلغ 8.2 في المائة في يناير 2023، و أن الإصلاحات التي أجرتها الحكومة لعمليات الامتثال في المغرب، ومكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب ستساعد بالتأكيد على جعل الاقتصاد أكثر مرونة. من خلال تعزيز سمعة المغرب في الأسواق الدولية وتحسين قدرة الرباط على جمع رأس مال أرخص، قد تكون البلاد مجهزة بشكل أفضل للتعامل مع التقلبات الاقتصادية.
وكانت المخاوف من فشل البنوك المغربية في تنفيذ لوائح مكافحة غسل الأموال (AML) ومكافحة تمويل الإرهاب (CFT) بشكل فعال، حيث قامت فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية (FATF) ، وهي هيئة مراقبة عالمية لغسيل الأموال، بوضع المغرب على “قائمتها الرمادية” في أوائل عام 2021، و أفادت مجموعة العمل المالي (FATF) بفشل الرباط في الامتثال للوائح الهيئة الرقابية وأشارت إلى أن وحدات الاستخبارات المالية في البلاد كانت أضعف من أن تكافح الجرائم المالية.
و كانت هذه الخطوة بمثابة ضربة كبيرة للمغرب كمركز استثماري، حيث تم وضع البلاد في نفس فئة اليمن وسوريا، مما أثر على الاستثمار الأجنبي. في حين أن الأرقام الخاصة بالمغرب ليست متاحة بعد، فمن المقدر أن وضع باكستان على القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي قد كلفها 38 مليار دولار في النشاط الاقتصادي. بالنظر إلى المراقبة المتزايدة التي تخضع لها البلدان المدرجة في القائمة الرمادية، أدت هذه الخطوة أيضا إلى زيادة تكاليف الامتثال للبنوك المغربية من خلال إلزامها بإجراء عمليات مكافحة غسيل الأموال بشكل أكثر صرامة. بالتالي يمكن أن يؤثر وضع القائمة الرمادية أيضا على قدرة الدولة على زيادة رأس المال في أسواق الديون السيادية من خلال تضمين مخاطر أعلى للمستثمرين الأجانب.