شدد حقوقيون على أن ” استمرار الفساد والرشوة والريع يقوض كل الفرص المتاحة والممكنة لبناء نموذج تنموي حقيقي ،ورغم ذلك فإن المؤشرات المتوفرة اليوم تفيد بأن هناك من يريد أن يطوي هذا الموضوع لأنه يشكل مصدر قلق وإزعاج لبعض المراكز والمواقع المستفيدة من واقع الفساد، واقع يعمق التفاوت الإجتماعي والمجالي والإحساس بضعف الأمان والأمن الإجتماعيين ويوسع دائرة الهشاشة والفقر والبطالة ويقوض فكرة القانون والعدالة ويغذي الشعور بالظلم والحكرة وهي كلها نيران ملتهبة”.
وأوضح محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام في تدوينة على صفحته ب”فايسبوك”، على ” أن المغرب حل في المرتبة 87 عالميا في مؤشر إدراك الفساد الصادر عن منظمة الشفافية العالمية لسنة 2021، مسجلا بذلك تراجعا عما حققه على مستوى ذات المؤشر عن السنة السابقة إذ حصل على نقطة 39 في المؤشر العام لهذه السنة وفقد بذلك نقطة عن السنة الماضية والتي حصل فيها على نقطة 40″.
وقال الغلوسي، إن “المنظمة العالمية للشفافية نبهت إلى مخاطر الفساد على أوضاع حقوق الإنسان كما أنه يهدد كل الجهود الموجهة لمواجهة جائحة كورونا”، ونبه الغلوسي إلى أنه “حذاري من سياسة غض الطرف عن القضايا الجوهرية وضمنها وفي صلبها مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام ووضع حد لسياسة الإفلات من العقاب”.
وشدد على أن “الجمعية المغربية لحماية المال العام سبق لها في أكثر من مناسبة أن حذرت من خطورة استمرار مظاهر الفساد والرشوة والريع والإفلات من العقاب على كل مناحي الحياة العامة. كما نبهنا إلى كون الفساد يتطور بشكل نسقي يهدد كل مقومات دولة الحق والقانون في ظل هشاشة وضعف المبادرات والنوايا المتعلقة بمكافحة الفساد وغياب إرادة سياسية حقيقية لوضع حد لذلك”.
دفع التراجع الحكومي في محاربة الفساد، وإجراءات حذف اللجنة الحكومية لمحاربة الفساد، و”توقف” عجلة التشريع لملائمة القوانين مع توصيات المنظمات الدولية لمحاربة الفساد، الى تراجع المغرب في التصنيف الدولي في مؤشر الفساد، وحذف نقط من ترتيبه الذي صنف المغرب في الرتبة الـ87 عالمياً من أصل 180 دولة في مؤشر “مدركات الفساد”، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لسنة 2021.
و تراجع المغرب في مؤشر إدراك الفساد لسنة 2021 ، بعدما حصل المغرب على 39 نقطة على 100 في مؤشر إدراك الرشوة متراجعا بنقطة واحدة مقارنة مع العام الماضي، وبسبع مراكز مقارنة مع 2019، واحتلت الدنمارك وفلنندا ونيوزلاندا، والنرويج وسانغفورة والسويد، على التوالي المراكز الأولى في الترتيب، بينما جاءت دول اليمن وفنزويلا والصومال وسوريا وجنوب السودان، على التوالي في آخر الترتيب، وعربيا احتلت الإمارات المركز الأول في مؤشر إدراك الفساد، تليها كل من قطر والسعودية، وسلطنة عمان والأردن، وتونس والبحرين والكويت، ثم المغرب ومصر والجزائر.
وأكدت جمعية “ترانسبرانسي” المغرب، أن المغرب منذ عشرين سنة وهو يتأرجح في مؤشر الفساد الذي أصبح نسقيا في البلاد، وشددت على أن هذه الوضعية لا يمكن معالجتها إلا بإرادة سياسية قوية، إلى جانب قوانين ردعية، مستغربة كيف أنه لحدود الساعة ليس هناك مشروع قانون خاص بتضارب المصالح في البرلمان، بل تم سحب مشروع قانون الإثراء غير المشروع من المؤسسة التشريعية.
وأشارت أن المغرب يعيش مستوى عالي من الفساد، حيث تؤكد كل هذه المؤشرات أن مستوى الفساد في البلاد عام ومعمم، وأضافت أنه منذ تسع سنوات والمغرب يحصد نفس المؤشرات، بحيث لا يتقدم في محاربة الفساد رغم كل الكلام والخطابات والقوانين التي وضعت لمكافحته.
و أكدت منظمة “تراسبرانسي” أنه ليست هناك إرادة سياسية حقيقية بالمغرب لمحاربة الفساد، وأشارت المنظمة ، أن العديد من المنظمات المنوط بها محاربة الفساد أو الوقوف عليه، مثل مجلس المنافسة أو الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أفرغت من محتواها.
وأوضحت أن المغرب بإمكانه التقدم في محاربة الفساد، لكن هل هناك إرادة حقيقية للوصول إلى هذا المبتغى هذا هو أصل المشكل؟، وتساءل عضو الجمعية عز الدين أقصبي هل المفسدين في المغرب أكثر قوة من الدولة، مشيرا أن المنظمة منذ 20 سنة وهي تدق ناقوس الخطر وتطلق التحذيرات لكن بدون جدوى، وأضاف ” أصلا المغرب له إمكانيات ضعيفة ومتواضعة وإذا أردنا تحقيق نموذج تنموي جديد يجب أن نوجه إمكانياتنا في اتجاه التنمية، ولا نتركها تضيع في الفساد”.