دعا حقوقيون حكومة عزيز أخنوش، لمضاعفة الجهود لمكافحة غسل الأموال، منبهين الى ما أسموه ” التأثير السلبي لغسيل الأموال على النسيج الاجتماعي والنماء الاقتصادي، إذ يؤثر على العلاقات بين المقاولات وعلى تسيير السياسة الاقتصادية، ويسيء إلى سمعة البلد ويشجع الاستثمارات غير المجدية لا سيما في مجال العقار وتنامي الأنشطة الإجرامية العبارة للحدود.
وشدد مرصد الشمال لحقوق الإنسان، على ضرورة تكثيف الجهود من أجل مكافحة هذه الظاهرة، خصوصا بشمال المغرب الذي يعرف نشاطا مكثفا للجرائم ذات الصلة بغسيل الأموال، لا سيما الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، الإتجار في البشر، تهريب المهاجرين، وعلاقاته المتشبعة بالنشاط الاقتصادي خصوصا تبييض الأموال في العقار، أو السياسي بنفاذ المجرمين إلى المناصب السياسية، كما دعا السلطات إلى ضرورة إشراك المجتمع المدني في برامجها من أجل مكافحة غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب باعتباره شريك أساسي في أي ورش حقيقي في هذا المجال.
وأشاد مرصد الشمال لحقوق الإنسان، بالمجهودات التي تقوم بها السلطات المختصة فيما يتعلق بالإجراءات العملية التي تبذلها في مجال مكافحة غسيل الأموال و محاربة الاتجار في المخدرات، مؤكدين ان المرصد يتابع بقلق بالغ الاعتقالات التي تقوم بها المصالح الأمنية، لبارونات المخدرات بالمنطقة، والتحقيقات التي تجريها، وسط اهتمام إعلامي، في شأن ثروات مشبوهة لمجموعة من الأشخاص الذين ينشطون في مجال الإتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، والإتجار في البشر، تهريب المهاجرين، النصب، خيانة الأمانة، الرشوة والغدر واستغلال النفوذ، وأضاف المرصد في بيان له، أنه يتابع أيضا المعطيات الصادرة عن الجهات الرسمية بخصوص ارتفاع تصريحات الاشتباه بحالات مرتبطة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب الصادرة عن الهيئة الوطنية للمعلومات المالية التي بلغت حسب تقرير 2020 ما مجموعه 2113 تصريحا، في حين أن عدد التصريحات كان في سنة 2019 في حدود 1737، وحوالي 1088 سنة 2018، ولم يكن يتعدى في 2017 ما مجموعه 722 حالة فقط، و427 حالة سنة 2016، وفي حدود 318 حالة مشتبه فيها سنة 2015.
و تتجه وزارة العدل لتعبئة المحامين و العدول و الموثقين لمكافحة غسيل الأموال، والعمل و التنسيق على تبادل المعلومات الاصة بالملفات المشبوهة، والتواصل بخصوص جميع المعاملات المالية للزبائن ورفع ملفات مكتملة عن العمليات المالية مع تضمين ذلك المعطيات الشخصية للزبائن قصد محاربة غسيل الأموال، ورصد أي أموال مشبوهة، حيث وجهت وزارة العدل مراسلة لهيئات المحامين بالمغرب، والمجلس الوطني للموثقين، والهيئة الوطنية للعدول، تطالب فيها بالمساهمة في العديد من الإجراءات التي توقف التجاوزات، وتنص الدورية على تحديد هوية الزبائن بجميع الأصناف، بما يشمل الآمرين بتنفيذ العملية لفائدة الغير، أو الأشخاص الذين يتصرفون لفائدة الزبائن بناء على توكيل، مطالبة بأداء هذا الأمر استنادا إلى الوثائق الرسمية.
وطالبت الوثيقة المهنيين على اسم المستفيد وعنوانه ورقم الهاتف والبريد الإلكتروني، ومركز ورقم التسجيل والسجل التجاري، وفي حالة عدم الاستطاعة تتوقف عملية التعامل مباشرة، وتشير الوثيقة، الى أنه في حالة حصول أي اشتباه في وجود خروقات فعلى المعني إخبار الهيئة، ملزما إياه بضرورة معرفة الأعمال والغرض منها، والحصول عند الاقتضاء على معلومات إضافية تتعلق بها.
وشددت الوثيقة على ضرورة التأكد من كون العمليات التي ينجزها الزبائن مطابقة لما يعرف عنهم وأنشطتهم والمخاطر التي يمثلونها، مع التأكد من مصدر الأموال ووجهتها، والامتناع عن فتح حسابات مصرفية مجهولة أو بأسماء صورية أو إقامة علاقات مع مؤسسات مالية صورية.
وأكدت الدورية على إيلاء عناية خاصة لعلاقات الأعمال والعمليات التي ينجزها أو يستفيد منها أشخاص ينتمون إلى دول تمثل مخاطر مرتفعة في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أو السياسيون المعرضون للمخاطر.
ونبه وزير العدل إلى ضرورة مراقبة الأعمال والعمليات التي تنجز من طرف أشخاص غير مقيمين أو لحساباتهم، والعمليات المنجزة من طرف السياسيين، والمقصود بهم أي مغربي أو أجنبي يتقلد منصبا عموميا أو سياسيا من درجة عالية بالمغرب، أو يشغل منصبا هاما بمنظمة دولية. كما أن العملية تشمل الفروع والأصول والأزواج.
وأوردت الوثيقة أن على المعنيين الاحتفاظ بالوثائق المتعلقة بالعمليات المنجزة لمدة عشر سنوات، لاسيما المتعلقة بإجراءات العناية وهوية الزبائن، ابتداء من تاريخ نهاية التعامل، وفي حالة الاشتباه في المتعامل، يجب إشعار الهيئة بكل تغيير بالنسبة للمراسل، ثم جمع وتكوين ملف خاص بكل تصريح بالاشتباه؛ مع ضرورة وضع نظام فعال لتقييم المخاطر، ثم القيام بصفة منتظمة بمراجعة داخلية وتحيين السياسات والإجراءات المعتمدة.
من جهتها تقوم وزارة العدل بإجراء عملية مراقبة من أجل احترام كافة الالتزامات، وتتحقق من ملاءمة المنظومات الداخلية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المعتمدة من قبل الأشخاص الخاضعين، وتتأكد من تطبيقها. وتتم هذه العملية من خلال استمارة إلكترونية.
وتسند مهمة مراقبة التزام المحامين والموثقين والعدول بهذه المقتضيات إلى النقباء ورؤساء المجالس الجهوية حسب الحالة، كما يمكن القيام بزيارات ميدانية لمكاتب الأشخاص الخاضعة، بتنسيق مع رؤساء الهيئات، وعند اكتشاف أي خروقات يتم إطلاع المعني بها كتابة؛ ويتعين عليه فور التوصل تقديم أجوبة وتوضيحات داخل آجال وشروط، مع التدابير التصحيحية التي يعتزم اتخاذها، وعند التوصل بها واستمرارها ترسل إليه مجددا طلبات الاستدراك؛ أما في حالة عدم تغير الوضع فتطبق ضده عقوبات مالية.