اختارت حكومة أخنوش “التوقف” عن العمل والدخول في عطلة غير معلنة، وعدم عقد مجلسها الحكومي ليوم الخميس، الذي جاء بعد خطاب العرش و حمل مجموعة من التوجيهات القوية و الاستعجالية للحكومة، كما حمل تعليمات للحكومة بالإسراع بمشاريع مهمة على رأسها مشروع عرض المغرب للهيدروجين و مشروع استكمال التغطية الصحية، حيث بدى أن الحكومة لم تعقد اجتماعها للتفاعل مع الخطاب و تسطير خارطة عمل استعجالية لتنفيذ التوجيهات الجديدة بالسرعة المطلوبة والعمل على التنزيل الاستعجالي للمطلوب من الحكومة.
وتحدث تقارير عن كون القانون التنظيمي للحكومة لا يحمل أي ذكر لعطلة الوزراء، إلا أنه جرت العادة أن يستفيدوا من عطلتهم خلال شهر غشت من كل سنة، ويعقد مجلس الحكومة اجتماعاته مرة في الأسبوع على الأقل، إلا إذا حال مانع من ذلك، بحسب القانون التنظيمي المتعلق بسير أشغال الحكومة، ووإذا حال مانع دون حضور عضو من أعضاء الحكومة اجتماعا من اجتماعات المجلس لأي سبب من الأسباب، وجب عليه إحاطة رئاسة الحكومة علما بذلك قبل انعقاد الاجتماع، و لا تعتبر اجتماعات المجلس صحيحة إلا إذا حضرها أغلبية أعضاء الحكومة على الأقل.
و حمل خطاب جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش، توجيهات جديدة للحكومة، و دعوات للحكومة للعمل و الإسراع بعدد من المشاريع الكبرى، حيث شدد جلالة الملك في خطابه على أنه وجه الى حكومة أخنوش أوامره السامية للإسراع بتنزيل مشروع “عرض المغرب”، في مجال الهيدروجين الأخضر بالجودة اللازمة، وبما يضمن تثمين المؤهلات التي تزخر بها بلادنا، والاستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين، في هذا المجال الواعد.
وشدد جلالة الملك ، أنه استكمالا لورش الحماية الاجتماعية، ننتظر الشروع، نهاية هذا العام، كما كان مقررا، في منح التعويضات الاجتماعية، لفائدة الأسر المستهدفة، قائلا ” نأمل أن يساهم هذا الدخل المباشر، في تحسين الوضع المعيشي لملايين الأسر والأطفال، الذين نحس بمعاناتهم، مؤكدا جلالته أن هذه الخطوة، ستشكل إن شاء الله، ركيزة أساسية في نموذجنا التنموي والاجتماعي لصيانة كرامة المواطنين في كل أبعادها.
واشار جلالة الملك في خطاب العرش الى أن وجه حكومة أخنوش لاتخاذ التدابير اللازمة، قصد تخفيف آثارها السلبية على الفئات الاجتماعية والقطاعات الأكثر تضررا، وضمان تزويد الأسواق بالمنتوجات الضرورية، وأكد جلالة الملك أنه مع ظهور بعض بوادر التراجع التدريحي لضغوط التضخم، على المستوى العالمي، فإننا في أمس الحاجة إلى الجدية وإشاعة الثقة، واستثمار الفرص الجديدة، لتعزيز صمود وانتعاش الاقتصاد الوطني.
ودعا جلالة الملك بخصوص مجال تدبير الموارد المائية، الذي يتطلب المزيد من الجدية واليقظة، فقد حرصنا على بلورة البرنامج الوطني للماء لفترة 2020-2027، الى التتبع الدقيق لكل مراحل تنفيذه، مؤكدين أننا لن نتساهل مع أي شكل من أشكال سوء الحكامة والتدبير، والاستعمال الفوضوي واللامسؤول للماء.
ودعا جلالة الملك بالتشبث بالجدية، بمعناها المغربي الأصيل في التمسك بالقيم الدينية والوطنية، وبشعارنا الخالد: الله – الوطن – الملك؛ و في التشبت بالوحدة الوطنية والترابية للبلاد؛ و في صيانة الروابط الاجتماعية والعائلية من أجل مجتمع متضامن ومتماسك؛ و في مواصلة مسارنا التنموي، من أجل تحقيق التقدم الاقتصادي، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية.
وأكد جلالة الملك أن الجدية يجب أن تظل مذهبنا في الحياة والعمل، وأن تشمل جميع المجالات الجدية في الحياة السياسية والإدارية والقضائية: من خلال خدمة المواطن، واختيار الكفاءات المؤهلة، وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين، والترفع عن المزايدات والحسابات الضيقة وفي المجال الاجتماعي، وخاصة قطاعات الصحة والتعليم والشغل والسكن كما أن الجدية التي نريدها، تعني أيضا الفاعلين الاقتصاديين، وقطاع الاستثمار والإنتاج والأعمال والجدية كمنهج متكامل تقتضي ربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة، وإشاعة قيم الحكامة والعمل والاستحقاق وتكافؤ الفرص.
و اتسم خطاب العرش لهذه السنة بروح الثقة من خلال استعراض مجموعة من الانجازات التي شهدها المغرب. كما تميز بنبرة مستقبلية استشرافية لمواصلة الأوراش والمشاريع المفتوحة.
وانطلق جلالة الملك في خطابه السامي من المرتكزات والمرجعيات التي تخص المغرب دون غيره من الدول : ويتعلق الأمر بالتلاحم الدائم والوثيق بين العرش والشعب. وهو ما مكن المغرب من بناء دولة – أمة تضرب جذورها في أعماق التاريخ، وتمتد لأزيد من 12 قرنا.
ويربط جلالة الملك بين المنجزات واستكمال المشاريع المفتوحة بالدعوة إلى التحلي بالجدية والتفاني في العمل، المشهود بهما للمغاربة، خاصة “أن المسار التنموي الوطني وصل الى درجة من التقدم والنضج، تتطلب الارتقاء به الى مرحلة جديدة وفتح أفاق أوسع من الإصلاحات والمشاريع الكبرى التي يستحقها المغاربة”.
ويؤكد جلالة الملك بأن “ما يدعو اليه ليس شعارا فارغا أو مجرد قيمة صورية وإنما هو مفهوم متكامل يشمل مجموعة من المبادئ العملية والقيم الإنسانية”.
ويضيف جلالة الملك بأن “الشباب المغربي متى توفرت له الظروف، وتسلح بالجد وبروح الوطنية، دائما ما يبهر العالم بإنجازات كبيرة وغير مسبوقة.
و جدد جلالة الملك محمد السادس، في خطاب عيد العرش، سياسة اليد الممدودة الجارة الجزائر و التعبير عن ذلك بكل صراحة و مسؤولية، وقال جلالة الملك “نؤكد مرة أخرى، لإخواننا الجزائريين، قيادة وشعبا، أن المغرب لن يكون أبدا مصدر أي شر أو سوء… ونسأل الله تعالى أن تعود الأمور إلى طبيعتها، ويتم فـتح الحدود بين بلدينا وشعبينا، الجارين الشقيقين”.
و يرى مراقبون أن جلالة الملك، منذ أن توليه العرش، ما فتئ يولي اهتماما كبيرا لإصلاح ذات البين بين البلدين الجارين والشعبين الشقيقين، وهذا ما عبر عنه في العديد من الخطب الملكية، من خلاله إظهار حرص على نهج سياسة اليد الممدودة، والتعبير عن ذلك بكل صراحة ووضوح ومسؤولية.ويلاحظ المتتبع لخطب العرش، في السنوات الأخيرة، أن جلالة الملك يخصص حيزا هاما لهذا الموضوع، وذلك من منطلق اقتناعه الراسخ بضرورة إقامة علاقات طبيعية بين شعبين جارين، تجمعها روابط الأخوة والدم واللغة والدين والمصير المشترك.
وأوضح متابعون أن جلالة الملك يؤمن إيمانا صادقا بأن الوضع الطبيعي للعلاقات بين البلدين هو فتح الحدود، وتعزيز علاقات التضامن والتعاون بينهما، من أجل رفع التحديات التنموية والأمنية وتحقيق تطلعات شعوب المنطقة المغاربية كلها.ومن هذا المنطلق، والتزاما بهذا التوجه البناء، أبى جلالة الملك إلا أن يوجه رسالة صريحة للأشقاء الجزائريين، ومن خلالهم لكل القوى المحبة للسلام، حيث عبر جلالته عن حرصه على تطبيع العلاقات بين بين البلدين، التي وصفها بالمستقرة، وعبر عن تطلعه لأن تكون أفضل.كما جدد جلالته التأكيد للقيادة والشعب الجزائري، أن المغرب لن يكون أبدا مصدر أي شر أو سوء.
وهو تأكيد للرد على بعض الأصوات التي تحاول إشعال نار الفتنة بين البلدين، من خلال الترويج لإشاعات مغلوطة من طرف جهات معادية لا تحب الخير للبلدين، وتحاول تأجيج الخلاف الخدمة أغراضها الخاصة.وفي ظل هذا الوضع الذي لا يرضي جلالته، وفي انتظار التجاوب مع النداءات الملكية الصادقة، من طرف الأشقاء في الجزائر، دعاً جلالة الملك، الله تعالى، بأن تعود الأمور إلى طبيعتها، ويتم فتح الحدود بين البلدين والشعبين الجارين الشقيقين.هذه الرسالة، حسب مراقبون، هي رسالة العقل والحكمة رسالة المحبة والسلام رسالة الأخوة والتعاون والتفاهم، التي ينبغي أن تطبع العلاقات بين الأشقاء.