يقترب المشهد السياسي من تغييرات جذرية، تضرب هيكلة الحكومة القديمة لسعد الدين العثماني، وتنذر بسقوط مجموعة من الوزراء وصعود وزراء من “التكنوقراط”، وبروز توازنات وتحالفات جديدة، على إثر “زلزال” التعديل الحكومي المرتقب ، قبيل الدخول السياسي “الساخن”، والتزاما بالأجندة الملكية التي حددت التعديل قبل الدخول السياسي المتزامن مع إلقاء جلالة الملك لخطاب سامٍ من البرلمان يحدد فيه خارطة طريق العمل الحزبي والبرلماني والحكومي.
وعلمت “النهار المغربية”، أن الحكومة تتجه إلى عقد آخر اجتماع حكومي، للحكومة الحالية قبل الاستقبال الملكي للوزراء الجدد، والإعلان عن الحكومة الجديدة المعدلة.
وأفادت المصادر، أنه من المحتمل أن يعقد مجلس وزاري يرأسه جلالة الملك لتعيين مسؤولين جدد في المناصب السامية الادارية، بعدما يستقبل الوزراء الجدد للحكومة، على ضوء التعديل الجديد.
وتعقد الحكومة، آخر اجتماع حكومي قبل التعديل، لمناقشة مشروع قانون مالية 2020، ومجموعة من مراسيم قوانين المالية، وذلك بعدما رفع سعد الدين العثماني لائحة بأسماء الوزراء المقترحين على رأس الوزارات، واختار ثلاثة أسماء لكل قطاع، حيث يبقى الخيار الدستوري لجلالة الملك في اختيار الوزراء المناسبين لقيادة المرحلة الجديدة من الإصلاح والإقلاع الشامل، ومسايرة الأوراش والبرامج المفتوحة لخلق التنمية والتطور وتصحيح الاختلالات والمعيقات التي تحد من تنمية مستدامة، وخلق برامج فعالة ترجع بالنفع على الفئات الاجتماعية وتساهم في رفع قدرة الاقتصاد الوطني على النهوض بالتشغيل ومحاربة البطالة وإنتاج الثروة.
وتتجه الهيكلة الجديدة للحكومة، إلى دمج قطاع الثقافة بقطاع الرياضة والشباب، ودمج حقيبة حقوق الإنسان بوزارة العدل، وتحديد وزارة للتجارة والصناعة، ووزارة للمالية، ووزارة للسياحة، ووزارة للصحة، ووزارة للتعليم، ووزارة للتجهيز والنقل، ووزارة للطاقة والمعادن، ووزارة للفلاحة والصيد البحري، ووزارة للتشغيل والتكوين المهني، ووزارة للسكنى والتعمير، ووزارة للأسرة والتضامن، مع الإبقاء على وزارات الداخلية والشؤون الإسلامية والأوقاف، والأمانة العامة للحكومة والمنتدب في الدفاع.
ويواجه الدخول السياسي، مشهدا سياسيا جديدا، على إثر خروج حزب التقدم والاشتراكية من الحكومة والاصطفاف في المعارضة، وحركات الاحتجاج داخل الأحزاب المشكلة للحكومة، وتفاقم الصراعات الحزبية، على إثر “الزلزال السياسي” للتعديل الحكومي، بعدما تفجرت الخلافات داخل حزب بنعبد الله وتهديده بكشف ملفات الأغلبية، وبروز خلافات وسط الحركة الشعبية على ضوء الأسماء المقترحة للاستوزار، وفشل ادريس لشكر في تحقيق المصالحة الحزبية بين أبناء ومناضلي الاتحاد الاشتراكي، والترويج لاسمه كوزير للعدل في حكومة العثماني، وفشله في الدفاع عن وزراء الحزب في التعديل المرتقب.
وتقارب الساعات المقبلة، الإعلان عن التشكيلة الحكومية الجديدة، والكشف عن الوزراء الجدد في حكومة سعد الدين العثماني، وطبيعة مجموعة من “البروفايلات” ذات الكفاءة والتجربة، والكشف عن أسماء الوزراء “التكنوقراط” المجندين لتطعيم الجسد الحكومي بدماء جديدة، للعمل على مواكبة مخططات الإصلاح الجديدة في الإقلاع الشامل، وتفعيل الأجندة الملكية في الإسراع بمشاريع وأوراش التنمية والتشغيل والتعليم والتكوين والصحة والاستثمار والجهوية واللاتمركز.
ويتجه التعديل الحكومي الجديد، إلى تغيير شامل في طبيعة الحكومة، بما يشبه “حكومة جديدة كاملة”، انطلاقا من الاستغناء عن كتاب الدولة وجعل الوزارات قطاعية محددة في الصحة والتشغيل والتعليم والاقتصاد والمالية، تتفرع منها مندوبيات تابعة للوزارة، وتقليص العدد الحكومي من 40 وزيرا إلى 22 وزيرا، بما يساهم في ترشيد نفقات التكلفة المالية لوزراء العثماني، ومواكبة ميزانية 2020، وتحديد طبيعة الأوراش والمشاريع لكل قطاع حكومي، والتوجه نحو تفعيل مبدإ ربط المسؤولية بالمحاسبة، والانخراط عبر برامج محددة لتنزيل كافة الأوراش الاستعجالية في التكوين والتربية والتشغيل والصحة والاستثمار.
وحاول سعد الدين العثماني، رفع أسماء وزارية جديدة غير مرشحة من ذي قبل لأي منصب حكومي أو سياسي، تستجيب لمعايير الكفاءة التي نادى بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لمواكبة المرحلة الجديدة من الإصلاح في الإقلاع الشامل، وتنزيل التوجيهات الملكية على أرض الواقع، دون السقوط في حسابات سياسية وصراعات حكومية، والعمل على برامج المسطرة ضمن أجندات محددة تستجيب لمتطلبات المرحلة، وتتفادى السقوط أمام إكراهات الأغلبية.
وجاء رفع المقترحات، بعدما خاض سعد الدين العثماني، المشاورات بدهاء سياسي، مكنته من الحصول على خروج هادئ لحزب التقدم والاشتراكية، ومعالجة قضية التقليص الحكومي الرقمي بصورة هادئة، بعدما كشف حزب التقدم والاشتراكية، أن الأغلبية الحكومية الحالية، ومنذ تأسيسها إلى اليوم، وضعت نفسها رهينة منطق تدبير حكومي مفتقد لأي نَفَس سياسي حقيقي يمكن من قيادة المرحلة، والتعاطي الفعال مع الملفات والقضايا المطروحة، وخيم على العلاقات بين مكوناتها الصراع والتجاذب السلبي وممارسات سياسوية مرفوضة، حيث تم إعطاء الأولوية للتسابق الانتخابوي في أفق سنة 2021، وهدر الزمن السياسي الراهن مع ما ينتج عن ذلك من تذمر وإحباط لدى فئات واسعة من جماهير شعبنا.