أن ينتهي ديربي الدار البيضاء بين الوداد والرجاء بالتعادل، فذلك ليس جديداً على لقاءات الجارين التاريخيين. لكن أن يغيب الشغف، ويغيب الجمهور، وتحضر الأسئلة أكثر من الأجوبة، فذاك ما يجعل ديربي الجولة 26 علامة فارقة، ليس فقط في مسار الدوري، بل في مسار “كرة بيضاوية” فقدت الكثير من بريقها.
النتيجة (1-1) ليست سوى تفصيل صغير في مشهد كبير من التراجع. فالأداء العام على أرضية ملعب محمد الخامس، رغم جاهزية العشب بعد الصيانة، لم يكن على مستوى التطلعات، لا من حيث الإيقاع، ولا من حيث التنافسية، ولا حتى على مستوى الحماس المعهود. بدا وكأن الفريقان يخشيان الهزيمة أكثر مما يرغبان في الانتصار.
الوداد، رغم الاستحواذ، يعاني من مرض مزمن: سيطرة بلا أنياب. فلسفة مدربه الجنوب إفريقي القائمة على امتلاك الكرة تبدو جميلة على الورق، لكنها تفتقر إلى الفاعلية أمام المرمى، ولا تعكس طموح فريق ينافس على المراتب الأولى أو يستعد لكأس العالم للأندية. الرجاء، في المقابل، ظهر على فترات، بهدف جميل يحسب للاعبين أكثر مما يحسب لنهج تكتيكي واضح. أداء الفريق بدا مفككاً، وموسمه الحالي ليس إلا سلسلة من خيبات الأمل.
الأزمة تتجاوز المستطيل الأخضر. غياب الجماهير، أو بالأحرى مقاطعتها، كان صفعة مدوية لإدارة الناديين. لم يكن الغياب عن المدرجات مجرد قرار فردي، بل تعبيراً عن فقدان الثقة في منظومة لا تقدم إلا المزيد من الارتجال وسوء التسيير. لا هيكلة واضحة، ولا انتدابات ذكية، ولا مشروع رياضي متكامل. فقط وعود مؤجلة وأعذار جاهزة.
الديربي، الذي كان يوماً ما مسرحاً للإبداع والتحدي، تحوّل إلى مرآة لأزمة أعمق. أزمة تعكس فراغاً إدارياً، اختلالاً في التسيير، وتراجعاً في مستوى اللاعبين، لا الوداد يبدو مؤهلاً لحصد الألقاب، ولا الرجاء يعطي مؤشرات على التعافي.
ما جرى في هذا الديربي لا يجب أن يُنسى سريعاً. بل يجب أن يكون محطة مراجعة حقيقية، ليس فقط لتقنيات اللعب، بل لمنظومة التسيير برمتها. وإذا لم تبادر إدارتا الناديين لإعادة ترتيب البيت، فإن القادم قد يكون أسوأ، ليس فقط محلياً، بل قارياً ودولياً أيضاً.
الكرة في ملعب المسؤولين. والجمهور، حتى وإن غاب، يراقب… وينتظر.