أختار مصطفى بوهندي صاحب كتاب “أكثر أبو هريرة” الرد على مقال منشور بموقع آشطاري 24 تحت عنوان “ليث العتابي: بوهندي اختلس كتاب “أكثر أبو هريرة” والأنجري أكثر جرأة في السرقة”، أن يكتب ضمن التعليقات، لكن تنويرا للقراء ارتأينا نشره كرد منفصل وهذا مقاله:
بعد مضي 17 سنة على صدور كتابي “أكثر أبو هريرة” (2002)، وما أثاره من نقاش وكتابات في المجال السني؛ يقوم كاتب يعتبر نفسه شيعيا، ويستنكر أن أكون أنا وبعض الباحثين المغاربة قد سرقنا علوم شيعته وعلماءهم سرقة موصوفة، أطال في وصفها واتهام السارقين بما لا يصح ولا يليق.
ودون أن أدخل معه في نقاش الأوصاف التي ألصقها بنفسه حيث “ساعدته خبرته في التحقيق وفي الأرشيف على ضبط هذه السرقات” وما ألصقه بهؤلاء الباحثين، الذي ظن أن أسماءهم “وازنة في المشهد الثقافي المغربي خصوصا وقد أحاطت نفسها بدعاية مثيرة لم نعهدها حتى على كبار المحققين في العالم الإسلامي، قبل أن نكتشف أنها دعاية تعتمد وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية وتستهدف الجمهور العادي من القراء.”. ثم تحدث عن كتابي الذي أوحى له بفكرة كتابه، يقول:
” فقد جاءت فكرة الكتاب بشكل تلقائي حينما وقع في يدي كتاب ” أكثر أبي هريرة” وقرأته لعلّي أجد قراءة جديدة ومختلفة عما أتى به كتاب سابقون،” ثم استنتج الكاتب أن كتابي مجرد سرقة يعرفها أطفالهم هناك في العراق، وطلب مني أن لا أسمي كتابي تأليفا وإنما مجرد إعداد، يقول:
” فقضية أبي هريرة ليست غريبة لا سيما عندنا في العراق حيث أطفالنا يستطيعون أن يؤكدوا على هذه الحقيقة. وحينما انتهيت من قراءة هذا الكتاب لاحظت أيضا الجدل الذي دار حوله وكأنه كتاب سيكشف لأول مرة في التاريخ عن أبي هريرة وإكثاره في الحديث بينما تبين لي أن الكتاب ابتداء من العنوان حتى المضمون هو سرقة في سرقة. وكان أحرى بالكاتب أن يقول: هذا إعداد وليس تأليفا لأنه لم يأت بشيء جديد.”
ثم واصل صاحبنا عنترياته في الحديث عن السرقة واستغلال ما قدمه الشيعة في مجال التحقيق، فقال:
” حاولت البحث عن هؤلاء المحققين المزيفين فوجدتهم باحثين مجهولين يحاولون البروز على حساب جهود الآخرين. وكأكاديمي وجدت في هذا الأسلوب خيانة عظمى للعلم وقلّة وفاء بأصول البحث العلمي واستغلال جهل معظم الناس بما قدمه الشيعة في مجال التحقيق. لقد قدمت أمثلة من خلال هؤلاء الثلاثة ولديّ مشروع لمواصلة ذلك وكتابة موسوعة عن هذه الظاهرة التي تكاثرت في مجتمعاتنا.”
وعندما سأله المحاور عن هذا الادعاء الذي قد يكون من الالتباسات بقوله:
” س- الاطلاع الأولي على كتابك يثير كثيرا من الأسئلة بل يحيل على التباسات كثيرة: ما تعتبره أنت سرقة قد يعتبره آخرون اقتباسات؟
كان جوابه:
ج –ليس صحيحا، فالسرقة الأدبية والأمانة العلمية معرّفة في مناهج البحث وهناك قواعد لتحقيق الأمانة العلمية ومنها الإشارة إلى الشّاهد واحترام الهوامش والعلامات التي تميز كلام الكاتب عن كلام غيره. هناك مناهج لضبط التعامل مع المصادر وتنظيم الهوامش. وما تحدثت عنه هو سرقات موصوفة إن صحّ التعبير وليست اقتباسا، فالذين نقتبس منهم نشير إليهم ولا نخفي مواطن الاقتباس ولا نحاول محو أثرهم. فالاقتباس يأتي بعد طلب الإذن من صاحبه، وطلب الإذن هنا هو الإشارة إليه في الاقتباس. لقد تمّ تهريب أفكار المحققين الشيعة باسم التجديد والتنوير، وهذه مسألة تكفي لإدانة هؤلاء بالخيانة الأدبية وعدم التقيد بأخلاقيات البحث العلمي.”
وأجاب بجواب ثان:
” ج –هي سرقات تتعلق بالشكل والمعنى، فعلى صعيد المعنى والمضمون فإنّ المحققين الشيعة تناولوا سيرة أبي هريرة وفي إكثاره في الرواية وكانوا سباقين في تصنيف كتب خاصة به. فلما يأتي أبو هندي ويزعم أنه سيكتب كتابا تحقيقيا حول أبي هريرة يجب أن يأتي بشيء جديد ويذكر بأن هناك مؤلفات خاصة بأبي هريرة تناولت كل هذه القضايا، فهذه سرقة وليس تحقيقا.”
ثم استدرك مبينا أن السرقة لم تكن حرفية، وإنما كانت للمعاني، مع محاولة إخفاء آثار الجريمة، يقول مجيبا على سؤال:
” س- هل يمكن أن تحدثنا عن نوع المسروق وكيف تم إخفاؤه؟
ج – هناك مستويين من السرقة: سرقة حرفية تتعلق بالأسلوب والعبارة وسرقة المضمون والفكرة، وهذا الأخير هو الأساس. وهناك فعل مزدوج يقوم به السارق، أي محاولة إخفاء المصدر وتغيير العبارة. عندما نقارن النّص الأصلي الذي هو هنا بمثابة ضحية مع النّص المنحول ندرك طبيعة السرقة. ولقد تتبعت الكتب المذكورة ووجدت أنّها جميعها تنهج ذات الأسلوب في السرقات ونفس الأسلوب في إخفاء المصادر الأساسية. وحتى نكون منصفين فإنّ هناك تفاوت بين الثلاثة، فأبو هندي مارس السطو في موضوع أبي هريرة ولم يشر إلى المصادر الحقيقية ومر مرور الكرام ولكنه كان قدم كتابه بشكل يؤكد أنّ صاحبه متمرس في البحث”.
ثم واصل تباكيه على تراث الشيعة المسروق، قائلا:
” لقد وضحت مكامن السرقات وهي كثيرة من بداية الكتاب إلى آخره، كما أوضحت الأساليب التي اتبعها هؤلاء في محاولة طمس آثار سرقاتهم. لم يكن الهدف من تصنيفي لكتاب عن السرقات هم هؤلاء الثلاثة، فهم مجرد أمثلة في مسلسل طويل من السرقات الأدبية التي ابتلي بها عالمنا. إنّ صغارنا في النجف الأشرف يستطيعون الكشف عن هذه السرقات، لا سيما وأنّ كتبا سابقة ألفت حول أبي هريرة كتبت قبل عشرات السنين”.
” فقد تسللت أيادي هؤلاء في لصوصية مدبرة لسرقة تراث الشيعة وممارسة التهريج به في بيئة سنية تخفى عليها هذه المصادر. ولهذا السبب وضعت أمام القارئ والباحث المنصف جل هذه المصادر من التراث الشيعي حول هذه الموضوعات ليكتشف بنفسه أن الأمر يتعلق بظاهرة سطو على جهود الآخرين وسرقات أدبية من بداية الكاتب إلى آخره، حتى كان يتهيّأ لي أنّ الجائزة الوحيدة التي يستحقها هؤلاء القراصنة هو السجن. وبما أنّ هذه الكتب غير خاضعة لقانون براءة الاختراع فإننا كمحققين نحفظها في عقولنا وسنعاقب من تمتد يده لنهبها كما فعل القراصنة الثلاثة.”
ورأيت لهذا الكاتب تصريحات أخرى يربط فيها بيني وبين صاحبه الشيعي مؤلف كتاب “أبو هريرة” وأبي رية صاحب شيخ المضيرة، مدعيا أنه كان علي أن أذكرهما في دراستي ولا أسطو على كتبهما. لكن صاحبي “الشيعي” لم يبين أن أبا رية كان متقدما على صاحبه “الشيعي” في الزمن، وأنه لم يكن شيعيا، ولا يريد أن يكون، وأن كتابه الذي كتب قد تجنب فيه الاتصال بكتب الشيعة، حتى لا يتهم شيعيا لأنه مس أبا هريرة عدو الشيعة؛ ومن ثم فإنه لم يعتمد على شيء من تراث الشيعة الذي يتباكى عليه صاحبنا. ولذلك فعليه ألا يحشره مع صاحبه العاملي، وإلا يكون هذا العاملي هو الذي سرق تراث السنة في تأليف كتابه “أبو هريرة” ويكون المصدر الأساسي الذي ألف منه كتابه “سنيا” وهو كتاب أبي رية، وحتى إذا لم نسمه سنيا، فهو لا يعترف بالشيعة، ولا يحب أن ينسب إليهم، ولا يثق بهم، وقد صرح بذلك في بداية كتابه؛ حيث قال: ” ومن أجل هذه العاصفة الهوجاء التي أثيرت علينا رأينا أن نعيد النظر في دراسة تاريخ (شيخ المضيرة) (١ (من جميع نواحيه دراسة مستفيضة شاملة، حتى تبدو للناس شخصية هذا الصحابي المشهور على حقيقتها، وتتضح لهم على وجهها – فرجعنا إلى ما بين أيدينا من المصادر الموثوق بها عند أهل السنة – وقد اعتمدنا عليها وحدها في هذه الدراسة ولم نرجع إلى غيرها، حتى لا يرمينا غبي جاهل بالتشيع ويقول: إنه يأتينا بكلام لا نعرفه، ولا نثق به!” (شيخ المضيرة لأبي رية، ص 9) http://hz.turathalanbiaa.com/public/322.pdf
وحتى لا أطيل في الرد على رجل لا أعتقد أنه قرأ كتابي، وإنما تصفحه بحثا عن الاعتراف بتشيعه، وعندما لم يجد شيئا، اتهمني بسرقة مضمون وأفكار وتراث صاحبه الشيعي؛ ولو قرأ الكتاب لوجدني قد شرطت على نفسي ألا أعتمد إلا مصادر السنة (الكتب التسعة)، وهو ما فعلته، فكيف أرجع إلى صاحبه العاملي، الذي نقل من أبي رية السني على الأقل، إن كان صاحبنا يعتبر أن توافق الأفكار في أمر من الأمور نقلا عن السابق، وأبو رية السني أسبق من صاحبه. ولو قرأ كتابي “أكثر أبو هريرة” لوجد أن موضوعه يختلف عن موضوع أبي رية وعن موضوع صاحبه؛ والذي هو التحقيق في أقوال أبي هريرة في الرد على متهميه بالإكثار، وقد اعتبرت أن أبا هريرة لم ينجح في جوابه في الرد على معاصريه، من الصحابة وغيرهم وإنما كانت ردوده مورطة له. ولو قرآ كتابنا لوجد أن ما خرجنا به من نتائج لم يقله لا السنة ولا الشيعة، وهو ما انتقدنا فيه أكثر المنتقدين، وقالوا أنه قول لم يسبقني له أحد من السنة ولا الشيعة، وملخصه، أن أبا هريرة لم يكن صحابيا بالمرأة وإنما أسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنوات، من سنتين إلى ثمان سنوات بين سنة 12 و20 هجرية، أي في خلاف عمر، ولم يشرف بالاتصال بمحمد صلى الله عليه وسلم وإنما نقل عنه بالواسطة ودلس شيوخه ليصبح صحابيا.
أتأسف كثيرا للمدعين، ومن هذا الرجل الشيعي الذي لا أعرفه، وأتأسف أن أعرفه بالتوقل والكذب والتزوير. وليكن في معلوم صاحبنا أن مناقشتي لأبي هريرة في المجال السني كان اعتراضا على فكرة العدالة المطلقة للصحابة. وبالتأكيد، فإن احتجاجي على الشيعة سيكون ضد عصمة الأئمة، وبالتالي فلن أكون ناقلا من تراثهم الشيعي المبني على هذه العصمة. وفي الختام أود أن أعلم الرجل الذي قال فيّ قوله الباطل، أن كتابي هذا هو عبارة عن أحاديث من الكتب التسعة، وضعت عليها عناوين وأسئلة واستنتاجات من الأحاديث نفسها. فأنى يكون للشيعة فيها نصيب، وإلا فربما سرق أصحاب متون الحديث السنة من كتب شيعتك، ومن كتاب صاحبك العاملي؟؟ أرجو من الكاتب العراقي المبتدئ أن يتثبت في أحكامه قبل أن يصدرها على الناس، وأن يبنيها على العلم وليس على الأخبار الشائعة.