المعارك واحدة والحقيقة الحربية لا تقبل التجزيء. كل فصل لمستويات المعركة هو مغالطة تستهدف التضليل أو التورية عن الفشل والضعف. المعركة العسكرية غير منفصلة عن معركة التنمية وهما أيضا غير منفصلتين عن المعركة الإعلامية. الحرب القاسية التي يخوضها العدو ضدنا ليست عسكرية. كان يكفي تحريك أحذية الجيش ليفر الآخرون. لكن المعركة اليوم هي على مستوى المفردة وعلى مستوى المفهوم.
يشتغل الخصم بطريقة مرعبة ويصرف مبالغ باهظة في هذه المعركة، وهناك جيش من الصحافيين والإعلاميين والذباب الإلكتروني همه الوحيد وهو الانخراط في المعركة وتحقيق انتصارات على مستوى المواقع العسكرية الافتراضية، بتعبير صحفي جزائري غاضب. المعركة في الأرض لصالح المغرب. ديبلوماسيا يحقق المغرب نجاحات. تراجع كبير في عدد الدول التي تعترف بالجمهورية الافتراضية كما يسميها الصحفي التونسي الصافي سعيد.
المعركة في مواقع التواصل الاجتماعي وفي كثير من منصات الإعلام لصالح الجزائر والبوليساريو.
مع الأسف. من يملك البضاعة الفاسدة يعرف كيف يسوقها ومن لديه بضاعة سليمة لا يعلن عنها. الجمعة الماضي كنت حاضرا في ندوة نظمها المكتب الجهوي بالقنيطرة للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، حول “الصحراء المغربية، انتماء والتزام”، واندهشت عندما سمعت أول من مرة من الزميل محمد عالي جداي، مقرر فرع النقابة بكلميم، معلومة مهمة حول وجود ملف الصحراء في اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المعنية بتصفية الاستعمار. ملف القضية وضعه المغرب وليس خصومه، وكان الغرض منه هو تصفية ملف الاستعمار الإسباني من الصحراء المغربية.
ليس الموضوع جديدا ولكن أعترف بأنني لم أطلع عليه في وقت سابق حيث سبق لسياسيين ومهتمين مغاربة أن تطرقوا له. لكن ما الذي يجعل المغرب لا يتسعمل كل هذه المفردات في المعركة الإعلامية؟ أن يكون المغرب هو الذي وضع ملف تصفية الاستعمار هذا يعني نهاية الأطروحة التي يعتمد عليها خصوم المغرب. الذين يخفون أن المغرب هو الذي وضع الملف.
ينبغي أن نعترف أن الاستثمار في قضية المعركة على مستوى المفردات ما زال ضعيفا، لا يناسب النجاحات في المجالات الأخرى، سواء العسكرية أو السياسية أو التنموية. مجهود لابد أن يتم بذله بشكل كبير في مواجهة هي اليوم تسجل انتصار المغرب في الأرض وهزيمة الخصم، لكن انتصاره افتراضيا، وهذه المعركة ليست سهلة ونتائجها قد تكون مفزعة، مما يدعو إلى تفكير مختلف في حرب المفردات، التي هي حرب ضد تزييف الحقائق ونشر الأخبار الزائفة وتلويث الذوق والتلقي والتأثير على الناس في جغرافيات متعددة.
أحيانا تنجح دعاية الخصم، ويستطيع تحويل نظر أناس لا هدف لهم في هده المعركة، حتى أنك لما تتحدث مع شخص بعيد يعتقد أن بوليساريو حركة تحرر، لكن الباحث زين العابدين الولي، وفي اللقاء المذكور، قال إن أكثر فئات الشعب المغربي التي تعرضت لعنف البوليساريو هم الصحراويون أنفسهم. بين يدينا تقارير تشير إلى تحالف الجبهة مع التنظيمات الإرهابية. معطى متوفر على قارعة الطريق ينتظر منا أن نستثمره.