فرضت ظروف جائحة كورونا اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاحترازية من قبل السلطات المغربية، وذلك قصد الحد من الانتشار الواسع للفيروس خصوصا مع ظهور المتحورات، ومن بين هذه الإجراءات إغلاق الحدود في فترات مختلفة، والإغلاق عملية ضرورية أحيانا والكثير من الدول لجأت إليه وليس المغرب وحده، ولكن بلادنا وبفضل الله وحرص جلالة الملك محمد السادس تميزت بالمرونة الكبيرة في التعاطي مع موضوع المغاربة العالقين بالخارج.
وكان المغرب اتخذ أخيرا إجراء يقضي بإغلاق الأجواء في إطار الاحتياطات التي اتخذتها بلادنا لمواجهة المتحور أميكرون، لكن رغم ذلك تم اتخاذ إجراءات استثنائية من أجل عودة العالقين بالخارج، فبعد قرار السلطات تعليق الرحلات الجوية الدولية في اتجاه المغرب منذ 29 نونبر الماضي، تمت تعبئة جميع المصالح والإمكانيات من أجل ترحيل عدد من المواطنين المغاربة الذين سافروا إلى خارج التراب الوطني لدواعي سياحية أو عائلية أو مهنية أو علاجية بحيث أصبحوا عالقين بالخارج.
وفي هذا الصدد، تم تنظيم جسر جوي انطلاقا من ثلاث دول هي البرتغال وتركيا والإمارات العربية المتحدة، وقد تم اختيار هذه البلدان باعتبارها مناطق عبور جهوية من شأنها ان تسمح باستهداف وتسهيل عودة المواطنين المغاربة العالقين في مختلف المناطق القارية التي يتمركزون فيها بشكل كبير أي أوروبا وآسيا والعالم العربي، وتم ذلك بتنسيق بين وزارات الشؤون الخارجية والداخلية والصحة والنقل والسياحة والإدارة العامة للأمن الوطني، في إطار اللجنة بين الوزارية المكلفة بتتبع وضعية كوفيد19.
ومكنت هذه العملية من ترحيل ما بين 1000 و1500 شخص في اليوم، باعتماد معايير موضوعية محددة بشأن المواطنين المستفيدين، والتي تم تطبيقها بطريقة مرنة ومواطنة أخذا في الاعتبار خصوصية كل حالة على حدة، في الوقت الذي أبان فيه المواطنون المعنيون عن التزامهم بالإجراءات المحددة لهذه العملية، بوعي ومسؤولية، حيث تم في هذا السياق إعادة 5760 مواطنا مغربيا في الفترة من 15 إلى 22 دجنبر الجاري عبر رحلات جوية استثنائية، في إطار احترام بروتوكول صحي خاص.
وتم بذل مجهودات كبيرة بتنظيم لوجيستي محكم، من أجل ضمان حسن وانسيابية تنظيم العملية، وذلك من خلال تعبئة الطائرات الناقلة، وإجراء التحاليل الطبية عند الوصول، وتنظيم النقل الداخلي من المطارات إلى الفنادق التي تم تخصيصها لغرض العزل الصحي مع إجراء تحاليل جديدة كل 48 ساعة، وذلك تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، حيث تم بذل جهود مهمة فيما يخص أسعار التذاكر لجعلها في متناول المسافرين رغم أن مجموعة من رحلات العودة انطلقت بطاقة استيعابية جد منخفضة لم تتجاوز في بعض الأحيان 25 و30 في المائة. كما أن الإعلان عن مواعيد الرحلات قبل 48 ساعة على الأقل من انطلاقها ساعد العائدين على اتخاذ ترتيبات سفرهم وأخذ تذاكرهم. وكل الإجراءات والتدابير تطلب تمويلها تعبئة مالية مهمة من طرف الحكومة.
ويذكر أن المملكة المغربية أبدت تفهما لحاجة المواطنين، سواء داخل الوطن أو خارجه، إلى التنقل والسفر، رغم ظروف الجائحة، بحيث تم في صيف 2021، تنظيم عملية واسعة لعبور أفراد جاليتنا المقيمة بالخارج إلى أرض الوطن لزيارة عائلاتهم وصلة الرحم بوطنهم.
وكان بلاغ للديوان الملكي بتاريخ 21 يونيو الماضي أفاد أن جلالة الملك، أصدر تعليماته السامية للسلطات المعنية وكافة المتدخلين في مجال النقل، قصد العمل على تسهيل عودتهم إلى بلادهم، بأثمنة مناسبة. وفي هذا الإطار، أمر جلالة الملك كل المتدخلين في مجال النقل الجوي، خاصة شركة الخطوط الملكية المغربية، ومختلف الفاعلين في النقل البحري، بالحرص على اعتماد أسعار معقولة تكون في متناول الجميع، وتوفير العدد الكافي من الرحلات، لتمكين العائلات المغربية بالخارج من زيارة وطنها وصلة الرحم بأهلها وذويها، خاصة في ظروف جائحة كوفيد 19. كما دعا جلالته كل الفاعلين السياحيين، سواء في مجال النقل أو الإقامة، لاتخاذ التدابير اللازمة، قصد استقبال أبناء الجالية المغربية المقيمين بالخارج في أحسن الظروف وبأثمنة ملائمة”.