باتت آفة الشغب التي تعرفها بعض ملاعب كرة القدم الوطنية، تقتضي بلورة إستراتيجية واضحة المعالم من قبل كل المتدخلين في الشأن الرياضي وتستدعى أكثر من وقفة تأملية، بعدما دخلت في الآونة الأخيرة منعطفا جديدا.
فقد تعدت أعمال الشغب مدرجات الملاعب إلى خارج أسوارها، مخلفة صورا سلبية لا تمت بصلة للروح الرياضية وأخلاقها، وتتجلى بالأساس في تخريب التجهيزات الرياضية والمساس بممتلكات الغير وترويع الساكنة في محيط الملاعب، فضلا عن إصابة العديد من المشجعين من الأندية المتبارية وعناصر القوات العمومية التي تسهر على أمن وسلامة اللاعبين والمتفرجين.
وعادت الأحداث اللارياضية التي شهدتها مباراة الجيش الملكي والرجاء البيضاوي، التي احتضنها الأربعاء ملعب مجمع الأمير مولاي عبد الله بالرباط، برسم مؤجل الدورة ال15 للبطولة الوطنية لأندية القسم الأول، لتسائل مختلف الفاعلين والساهرين على الشأن الرياضي عموما بالمغرب عن مدى فعالية ونجاعة المقاربات المعتمدة للحد من ظاهرة الشغب بالملاعب.
فأمام تزايد حدة ظاهرة الشغب، التي تعد ظاهرة عالمية تتطلب تظافر جهود مختلف المتدخلين في اللعبة، حاول المغرب مواجهتها بشكل جدي، وعلى جميع الأصعدة، من خلال إطلاق حملات تحسيسية في أوساط المشجعين لتوعيتهم بخطورة هذه الظاهرة، وعواقبها ليس عليهم فقط بل على المجتمع ككل، واعتماد مقاربة أمنية استباقية عبر إحداث فرقة أمنية متخصصة في تأمين التظاهرات الرياضية، تعتمد على استراتيجية محكمة لمرافقة مشجعي الأندية في تنقلاتهم إلى مختلف المدن، تفاديا للاصطدامات مع مشجعي الفرق المضيفة.
كما تم العمل على إخراج نصوص قانونية لمكافحة العنف المرتكب أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها، وهو القانون رقم 09.09، الذي يعدل ويتمم القانون الجنائي، من خلال إضافة الفرع الثاني مكرر، وتحديدا الفصول من 308-1 إلى 308-19، والرامي إلى ردع المتسببين في الأعمال التخريبية خلال التظاهرات الرياضية أو بعدها، من خلال تجريم مجموعة من الأفعال، وسن مجموعة من العقوبات.
لكن يبقى السؤال المطروح بشأن كل هذه الإجراءات سواء كانت احترازية أو ردعية، هل هي قادرة على الحد من الجنوح المتزايد إلى الشغب ومراعاة خصوصيات ظاهرة الشغب بالمغرب خلال تطبيقها.
و قال الباحث في السياسات الرياضية، منصف اليازغي، إنه موازاة مع المجهود الذي يبذل على صعيد تطوير كرة القدم الوطنية انطلاقا من تأهيل البنيات التحتية والمنظومة الكروية ككل ، ما زالت ظاهرة الشغب بالملاعب تسيء إلى السمعة التي تحظى بها اللعبة الأكثر شعبية وتضع الجميع أمام حتمية التساؤل عن ما هي الأسباب والحلول لهذه الآفة.
واعتبر اليازغي، أن من بين أسباب تفشي الظاهرة، بالإضافة إلى الأزمة “التي باتت تعيشها الأسرة والمدرسة”، فشل كل المقاربات في ظل غياب استراتيجية واضحة لمحاربة آفة الشغب، مبرزا أن هناك قانونا يجب تطبيقه ويتعلق الأمر بالقانون 09.09، والذي حسب رأيه يتم التعامل معه بمرونة زائدة.