بعد أن منحه المصريون “تفويضا” في العام 2013 للقضاء على “الإرهاب”، ترب ع قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي على رأس السلطة ويسعى اليوم لولاية ثالثة في بلد منهك اقتصاديا.
وقال السيسي البالغ 68 عاما الاثنين أمام حشد من مؤيديه في العاصمة الإدارية الجديدة الواقعة شرق القاهرة “كما لبيت نداء الشعب من قبل، إنني باذن الله ألب ي نداءهم مرة أخرى وعقدت العزم على ترشيح نفسي لكم لاستكمال الحلم بمدة رئاسية جديدة”.
وفي حال فوزه المرجح هذه المرة أيضا، ستمتد ولايته حتى العام 2030.
وأظهرت مشاهد بث تها محطات تلفزة موالية للحكومة آلاف الأشخاص يحتفلون بالإعلان على منصات أقيمت مسبقا في مختلف أنحاء البلاد.
في غرب القاهرة قالت المعلمة سحر عبد الخالق التي رافقت حافلة تنقل طلابا إلى تجمع حاشد لدعم ترش ح السيسي، “انهارت البلدان في كل مكان حولنا ولم تتعاف أبد ا.. أما نحن فنتقد م الى الأمام بسبب رئيسنا وجيشنا”.
ويرج ح محللون أن تشهد الانتخابات الرئاسية المقبلة طابعا أقرب إلى الاستفتاء مثلما حدث في النسختين السابقتين من الانتخابات، وكما كان يحصل خلال عقود حكم الرئيس الراحل حسني مبارك الذي أسقطته ثورة كانون الثاني/يناير في 2011.
لكن من الواضح أن القاعدة الشعبية للمشير السيسي لم تعد كما كانت، وكذلك موقعه على الصعيد الدولي، خصوصا مع توجيه اتهامات له بالتنكيل بمعارضين وناشطين في مجال حقوق الإنسان منذ تول يه الحكم في 2014 بعد إطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي وشن السلطات حملة قمع واسعة شملت إسلاميين وليبراليين.
بالإضافة الى ذلك، تشهد مصر التي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين يعيش ثلثهم تحت خط الفقر، واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها بعدما سجل معدل التضخم مستوى قياسيا عند نحو 40 في المئة مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في بلد يستورد معظم حاجاته الغذائية.
في سنوات حكمه الأولى، ل ق ب السيسي بال”المنقذ” بسبب إطاحته بالإسلاميين الذين أوصلتهم الثورة الى الحكم، لكنهم خسروا شعبية بسبب تفردهم بالسلطة وفرضهم قوانين متشددة. وفاز في الانتخابات الرئاسية لولايتين بنسبة تخطت 95 في المئة. وألصق بعض المؤيدين صوره على منتجات غذائية ومخبوزات.
كذلك ساهمت حملة “100 مليون صحة” التي أطلقها على مدار الأعوام الماضية في تعزيز شعبيته وسط الطبقات المحدودة الدخل، إذ ساهمت الحملة في علاج ملايين المرضى.
ويرى الناشط المصري البارز في مجال حقوق الإنسان حسام بهجت أن السيسي بدأ “يفقد شرعيته بين مختلف الطبقات”، مشيرا إلى أن أنصاره أصيبوا مؤخرا بخيبة أمل على وقع تراجع مدخراتهم في ظل الأزمة الاقتصادية.
ولد السيسي في العام 1954 في حي الجمالية بقلب القاهرة الفاطمية، وهو أب لأربعة أبناء، بينهم محمود الذي يشغل منصبا رفيعا بجهاز المخابرات العامة.
ومنذ وصوله الى السلطة، يصف السيسي الذي تخر ج من الكلية الحربية عام 1977، نفسه بأنه “أب لكل المصريين”، ويقوم بتوجيه النصائح والإرشادات للمصريين في معظم المناسبات والمحافل العامة ويطالبهم بمزيد من “التضحيات” لتجاوز الأزمة الاقتصادية.
ويعتبر السيسي الذي كان مديرا للمخابرات الحربية في العام 2011، مع انطلاق الربيع العربي، وكان عضوا في المجلس العسكري الذي تسل م السلطة من مبارك، أن الثورة خطأ وأن الثورات في المنطقة لم يكن مردودها إيجابيا.