الطبيعي أن أي حزب يحكم أو يقود الحكومة في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة، أن يكون في عين الناخب مسؤولا عن تردي أوضاعه الاجتماعية، وبالتالي يصوت في الغالب على الحزب الذي يعارضه، والأحزاب التي تؤمن بالديمقراطية تقبل هذه القاعدة، بعد أن تتولى تدبير الشأن العام لولاية أو ولايتين تستعد للمعارضة كاستراحة لاسترجاع الأنفاس، لكن البعض يعتبرها مؤامرة، مثل العدالة والتنمية، والبعض الآخر يعتبرها فرصة مثل التجمع الوطني للأحرار، الذي شارك في الحكومة وفي قراراتها، ويلتمس اليوم طريقه وسط خطاب يجمع بين المعارضة والوعود الغليظة.
والطبيعي أن تكون النقابات مستقلة عن الأحزاب، لأن هذه الأخيرة وهي تقود الحكومة، قد تتخذ إجراءات في صالح الاقتصاد لكنها ليست في صالح الأجراء، فتتم معاقبة الحزب والنقابة، ففي الحد الأقصى يمكن للنقابة أن تساند حزبا قريبا من طموحاتها وتبتعد عنه كلما انخرط في اتخاذ مثل هذه الإجراءات، حتى لا تسقط عند سقوط الحزب، مثلما حدث للكنفدرالية الديمقراطية للشغل، التي كانت تزلزل الأرض، ومثلما حدث لنقابة الاتحاد الوطني للشغل “المحظوظة دون نضال” في الانتخابات الأخيرة للأجراء.
وبما أن العدالة والتنمية، قام بطرد قدماء مناضلي الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بأجمعهم، وملأ هياكله بأعضاء التوحيد والإصلاح، فقد أصبحت النقابة جزءا من الحزب بشكل كامل، وحتى إن ضمت مستقلين فهم من أصحاب الملفات، التي يريدون حلها عن طريق وزراء الحزب، فقد تأثرت النقابة بتدبير الحزب الفاشل للشأن العام خلال عشر سنوات.
اليوم فشلت نقابة الإسلاميين في العديد من القطاعات، وعلى رأسها قطاع التعليم، الذي كانت لهم فيه هيمنة ملحوظة منذ أكثر من 15 سنة، وهم اليوم خارج التمثيلية، بمعنى لن يكون لهم حظ المشاركة في المفاوضات والحوارات بين الوزارة والنقابات.
هل هو مؤشر على انهيار البيجيدي. نعم هو مؤشر لكن لا يعني أنه بواسطته نحكم مستقبلا على فشل الحزب في الانتخابات وخصوصا التشريعية. لكنه مؤشر قوي من حيث هو معيار لمدى تأثير الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على الطبقة الشغيلة، وسبق للمركزية النقابية التابعة للبيجيدي أن صوتت في مجلس المستشارين على مجموعة من مشاريع القوانين، التي ترى فئات الشغيلة والموظفين أنها ليست لصالحهم.
هو إذن تصويت عقابي، يدل على فشل الحزب الإسلامي في تدبير الشأن العام، وهذا مؤشر على التراجع، لأن الأجراء هم عامة الناس أو المواطنون بالجمع، وبالتالي فإن حكمهم قد ينعكس على الانتخابات العامة الخاصة بأعضاء مجلس النواب.
هناك مؤشر ثانٍ يتعلق بطرد بعض قياديي الحزب الإسلامي في بعض المناطق، مما يوحي بأن شعبية الحزب تراجعت، وهذا أمر طبيعي، فغير الطبيعي هو أن يتمسك قادة الحزب بكراسي الحكومة أبد الدهر، وكان المغراوي، الشيخ السلفي، قال لبنكيران: اضمن لي الدعوة للإسلام أضمن لك الحكم الدائم. لا يريدون فراق الحكومة المذرة لكثير من الامتيازات لكن طبيعة الديمقراطية فيها الصعود والنزول.