السلوك المستفز الصادر عن مصطفى بايتاس، وزير العلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، في حق المعارضة غير مقبول أخلاقيا ودستوريا وقانونيا. لا يعني هذا بأي حال من الأحوال الدفاع عن المعارضة وهي قادرة على ذلك بنفسها، ولكن نحن نريد التنبيه إلى أن الوزير “يجهل” كثيرا مما تتمتع به المعارضة، وقد منحها الدستور مكانة مرموقة، ووضعها في الفصول الأولى قبل أي شيء، وأمر بمنحها كافة الإمكانيات لممارسة حقها الدستوري والقانوني.
الدستور ركز كثيرا على المعارضة، حتى ظننا أنه سيشركها في الحكومة، حيث نص الفصل العاشر منه على أن “يضمن الدستور للمعارضة البرلمانية مكانة تخولها حقوقا، من شأنها تمكينها من النهوض بمهامها، على الوجه الأكمل، في العمل البرلماني والحياة السياسية، ويضمن الدستور، بصفة خاصة، للمعارضة حرية الرأي والتعبير والاجتماع؛ حيزا زمنيا في وسائل الإعلام العمومية يتناسب مع تمثيليتها”.
وأهم شيء أن الدستور قال إنه يضمن للمعارضة “المشاركة الفعلية في مسطرة التشريع، لاسيما عن طريق تسجيل مقترحات قوانين بجدول أعمال مجلسي البرلمان؛ والمشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي، لاسيما عن طريق ملتمس الرقابة، ومساءلة الحكومة، والأسئلة الشفوية الموجهة للحكومة، واللجان النيابية لتقصي الحقائق؛ والمساهمة في اقتراح المترشحين وفي انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية؛ وتمثيلية ملائمة في الأنشطة الداخلية لمجلسي البرلمان؛ ورئاسة اللجنة المكلفة بالتشريع بمجلس النواب”.
سلوك الوزير بايتاس يبين أنه لم يقرأ الدستور ولو مرة واحدة، خصوصا وأن ما ورد أعلاه جاء في ترتيب الدستور في البنود الأولى، ولو كان الوزير قرأ مرة واحدة الدستور لكان على علم بهذه المقتضيات، وهذا يوضح بما لا يدع مجالا للشك أنه يتدرب في الحكومة مثلما دخلها وهو مجرد محام متدرب.
نعرف أن بايتاس يحمل كثيرا من القبعات، فهو المحامي المتدرب والوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة وعضو المكتب التنفيذي للتجمع الوطني للأحرار، لكن في البرلمان هو يمثل الحكومة باعتباره وزيرا مكلفا بالعلاقات مع البرلمان ناطقا رسميا باسم الحكومة، فهو هنا لا يمثل التجمع، الذي يعتبر نفسه حزبا على خصومة حزبية مع مكونات أخرى ولكنه يمثل الحكومة، التي هي حكومة أغلبية برلمانية وأكثر من ذلك هي حكومة عموم المغاربة باعتبار أن التنصيب يعني أن اللون الحزبي يصبح لاغيا.
التعامل بسلوك غير لائق مع المعارضة يعني ضرب الدستور. ولقد استقوت حكومة عزيز أخنوش على المعارضة بمفهوم الأغلبية العددية، حيث قيل لها “افعلي ما تشائين ونحن سنصوت”.
ما لا يعرفه بايتاس أن الأغلبية، الموجودة في الحكومة والموجودة هي نفسها في البرلمان، لا يمكن أن تخلق معنى الرقابة على العمل الحكومي، ولهذا منح الدستور مكانة مرموقة للمعارضة، وكلما كانت المعارضة قوية كانت الرقابة على العمل الحكومي جيدة وكانت القوانين أكثر جودة.