ارتفعت وثيرة الاحتجاجات ضد حكومة عزيز أخنوش وصمتها أمام ارتفاع الأسعار، وتبريريها لأثمنة المحروقات المهولة، وخرجت الجموع الغاضبة ضد السياسية الحكومية الى الشوارع في مجموعة من المدن للتعبير عن غضبها واستنكارها للتدبير الحكومي للوضعية الاقتصادية في المغرب، وترك المغاربة في مواجهة مباشرة مع المضاربين ولوبي المحروقات و الشركات الكبرى.
وانتفضت النقابات و الجمعيات الحقوقية ضد الحكومة، منبهة الى مخاطر ضرب السلم الاجتماعي عبر التعنت الحكومي، وخروج وزراء أخنوش للدفاع عن ارتفاع الأسعار و ربط الأمر بالوضعية العالمية، بعدما دعت الهيئات المدنية والحقوقية والسياسية إلى النزول إلى الشوارع في عدة مدن للإحتجاج على غلاء الأسعار وضد التضييق على الحقوق والحريات.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عدة دعوات للخروج إلى التظاهر في أكثر من عشرين مدينة مغربية، وتبنت هذه الدعوات الجبهة المغربية الاجتماعية، التي تضم عدة هيئات مدنية، كما انضمت إليها الجمعية المغربية لحقوق الانسان، وحزبا الطليعة الديمقراطي وتحالف فيدرالية اليسار الذي يضم أحزابا يسارية.
ودعت فيدرالية اليسار التي تضم حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، في بيان، إلى المشاركة المكثفة في الوقفات الاحتجاجية التي دعت إليها الجبهة الاجتماعية المغربية الأحد، وجاءت دعوة الجبهة وفق بيان لها، لإحياء ذكرى حراك الشعب المغربي من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وهي المطالب التي ما زالت لها راهنيتها في مغرب اليوم بعد 11 سنة”، وقالت إن الوقفات للتعبير عن الاحتجاج على الأوضاع الاجتماعية لشرائح واسعة من الشعب المغربي نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأساسية وأسعار المحروقات واستمرار تداعيات جائحة كورونا بعد فقدان الآلاف لعملهم وارتفاع معدلات البطالة”.
ودعت الهيئة التنفيذية لفيدرالية اليسار الديمقراطي كافة المواطنات والمواطنين إلى المشاركة المكثفة في الوقفات الاحتجاجية التي دعت إليها الجبهة الاجتماعية المغربية، وأكدت الفدرالية في بلاغ لها، على ضرورة المشاركة المكثفة في الوقفات، للتعبير بوعي و مسؤولية عن الاحتجاج على الأوضاع الاجتماعية لشرائح واسعة من الشعب المغربي، نتيجة الارتفاع المهول لأسعار المواد الأساسية وأسعار المحروقات واستمرار تداعيات الجائحة بعد فقدان الآلاف لمناصب شغلهم وارتفاع معدلات البطالة بشكل غير مسبوق وغيرها.
وأشارت أن المغرب يعرف أزمة اجتماعية خانقة، في ظل صمت الحكومة و استمرار نفس التوجهات النيوليبرالية التي جسدها قانون المالية للسنة الجارية، بالإضافة إلى تصاعد التضييق الممنهج على الحقوق والحريات ، ودعت إلى الاحتجاج في كل المناطق للتنديد بالغلاء الفاحش للأسعار وضرب الحقوق والحريات ومن أجل الحرية والعيش الكريم لكافة بنات وأبناء الشعب المغربي.
من جهته نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن الساحة السياسية تعرف سباتا عميقا، وتراجعا في التعبير الصريح عن المواقف القوية للمشروع الديمقراطي، وأكد بنعبد الله في ندوة نظمها الحزب، في إطار حواره الداخلي تحضيرا لمؤتمر الوطني الحادي عشر، أن المغرب بحاجة إلى ديمقراطية تجعل من الحكومة حكومة، ومن البرلمان برلمان، والمؤسسات المنتخبة مؤسسات منتخبة وتقوم بدورها على جميع المستويات، وأضاف ” ديمقراطية تجعل من الأحزاب أحزاب حقيقية تلعب دورها ومحافظة على استقلالية قرارها، وعندها مصداقية وعلاقة مع المواطنات والمواطنين الذين يثقون في هذه الأحزاب خاصة في فضاء عام دولي يتسم بالتراجع الكبير للديمقراطية التمثيلية”.
وأشار بنعبد الله، أن المغرب تطور على الصعيد الاقتصادي لكنه لازال يعاني من الكثير من المشاكل، ومنها الشفافية ودولة الحق والقانون، والريع والقطاع غير المهيكل، ولفت إلى أن هذه المشاكل موجودة كذلك في المجال الاجتماعي، حيث تستمر مظاهر الفقر والإقصاء واللامساواة بين الجهات، وبين الفئات الاجتماعية والرجال والنساء.
وأكد بنعبد الله على ضرورة أن يكون حزب التقدم والاشتراكية حاضرا في الساحة، مشيرا أنه الحزب الوحيد الحاضر في المجال الثقافي، وأنه جزء من المشروع الديمقراطي في المغرب، وأبرز أن حزبه أيضا لطالما دعا إلى الاهتمام بالجانب البيئي وإعطائه المكانة التي يستحقها في النموذج التنموي المغربي.
وانتقد بنعبد الله ما وصفه بالغياب الشبه المطلق للأحزاب السياسية باستثناء “التقدم والاشتراكية” التي تطرح بقوة مسألة الحريات، خاصة أن المجتمع الديمقراطي لا يستقيم دون حريات جماعية وفردية.
وشدد على أن حزب التقدم والاشتراكية، إذا أراد أن يستمر فإن العنصر اللصيق والأساسي الذي يجب أن يحافظ عليه هو استقلالية قراره، مؤكدا أن استقلالية القرار الحزبي في المغرب مسألة حيوية لأنها أصبحت مسألة شبق مفقودة عند الكثير من الأحزاب السياسية الأخرى، وتابع كنتيجة لهذا المغاربة فقدوا الثقة في العمل السياسي وفي الأحزاب، ولذلك نقول دائما أن هناك أزمة ثقة في المغرب، ولن تعود هذه الثقة إلا بحفاظ الأحزاب السياسية على استقلاليتها، وأن تتخذ القرارات التي تراها وقت ما شاءت وتتحالف مع من شاءت، وأكد في الفضاء اليساري المغربي يكفي أن نرى تجربة حزب سياسي كان له باع طويل وماضي مشرق وعطاءات كبيرة تكاد تكون خالدة، وكيف تحولت علاقته مع المواطنات والمواطنين، ونظرتهم إليه”.