في خطوة غير متوقعة قلبت المعادلات الإعلامية رأسًا على عقب، نشرت صحيفة “الشروق” الجزائرية مقالًا أثار دهشة المتابعين، بعدما بدا وكأنه يبارك الضربات الجوية الأمريكية-الإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية داخل إيران. الخطوة لم تمر مرور الكرام، وسرعان ما أشعلت موجة جدل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة من داخل الجزائر، حيث وُصف المقال بأنه “انقلاب لغوي وموقف سياسي غريب عن تقاليد الخط التحريري للصحيفة”.
المقال، الذي صدر بنبرة مختلفة تمامًا عن الخطاب المعتاد، تحدث عن “ضربات استراتيجية ضرورية لإعادة توازن القوى في الشرق الأوسط”، معتبراً منشآت مثل “فوردو” أهدافًا مشروعة، من دون الإشارة إلى انتهاك السيادة الإيرانية أو التداعيات الجيوسياسية المحتملة لهذا التصعيد العسكري.
الأكثر إثارة في محتوى المقال كان التهوين من الرد الإيراني، واصفًا الصواريخ الإيرانية بأنها “صواريخ من ورق” غير قادرة على تغيير المعادلات الميدانية، وهو ما اعتبره متابعون “تبنٍّ كامل للرواية الأمريكية-الإسرائيلية”.
المفارقة الأبرز تمثلت في خروج الصحيفة، التي لطالما وصفت الولايات المتحدة بـ”الشيطان الأكبر” و”العدو الإمبريالي”، عن خطها التحريري المعروف، إلى حد الإشادة بسياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، واعتبارها “واقعية مستلهمة من مدرسة كيسنجر الدبلوماسية”.
ردود الفعل لم تتأخر، إذ عبّر عدد من الصحفيين والمحللين الجزائريين عن صدمتهم، معتبرين ما جاء في المقال خروجًا عن الإجماع الوطني والإعلامي في رفض التدخلات العسكرية الأجنبية، و”تماهيًا مريبًا” مع مصالح لا تتقاطع مع الموقف الرسمي للجزائر.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل كان ما نُشر مجرد اجتهاد فردي عابر داخل هيئة تحرير الصحيفة، أم أنه يعكس تحولًا أعمق في بعض زوايا الرؤية الإعلامية الجزائرية تجاه قضايا الشرق الأوسط؟