القيمة والقوة التي كانت لدى حارس المقر المركزي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على عهد عبد الرحيم بوعبيد، اكبر من قيمة وقوة كاتبه الأول حاليا، وليس هذا من المبالغات، ولكن الحارس في الفترة المتحدث عنها كانت له هيبة حزب مزعج، في حين أي هيبة لكاتب أول تشبث بالحكومة إلى آخر رمق وفي الأخير طُرد إلى المعارضة؟
عندما تواجه الكاتب الأول بالواقع يواجهك بالتاريخ وبأنه حزب الشهداء. لا خلاف حول كونه الاتحاد الاشتراكي حزب الشهداء والقادة العظام، وهم اليوم شهداء الشعب المغربي، ولكن ما قيمة حزب الشهداء إن لم يكن حزب الشهادة.
نقصد بالشهادة هنا أن يكون الحزب شاهدا على الحق وليس شاهدا على الزور. فلو قبل أخنوش مشاركة لشكر في الحكومة أو احد أبنائه لكنا اليوم أمام حزب للقوات الشعبية يدافع عن “تجمع المصالح الكبرى”. ما الذي يجمع حزبا اشتراكيا، ينبغي أن يدافع عن “الدولة الاجتماعية” بما هي خدمة للفئات المستضعفة، وبين حزب يقوده كبار الرأسماليين المدافعين عن “الدولة الجابية”؟ والدولة هنا نقصد بها الآليات التدبيرية وليس الدولة بالمفهوم الشامل.
يستعد لشكر للاحتفال بالذكرى المئوية لميلاد القائد التاريخي للاتحاد الاشتراكي عبد الرحيم بوعبيد. وهذا من هوان الدنيا على الناس. أن يحتفل المتشبث بالحكومة بالذي دخل السجن من أجل مخالفته للملك الراحل الحسن الثاني قائلا قولته الشهيرة “ربي السجن أحب إلي مما يدعونني إليه”.
لم يكن عبد الرحيم بوعبيد ضد الدولة لأنه أحد صنّاعها باعتباره واحدا من الكوادر الأولى التي تولت المسؤوليات، لكن كانت له مواقفه الخاصة، وكانت له نزعته الثورية، التي لا يمكن أن يتحمل لشكر تبعاتها، فلو علم الراحل أن حزب القوات الشعبية أصدر بيانا يقول فيه إن موقعه الرئيسي حاليا هو أن يكون جزءا من الحكومة لفضل عدم تأسيس الحزب من أصله.
كانت لدى حزب الاتحاد الاشتراكي فرصة ليعود حزب القوات الشعبية، وهي أنه أثناء تشكيل الحكومة التي يقودها أخنوش يعلن من البداية أنه لا يمكن أن يتحالف مع “تجمع المصالح الكبرى” ويعلن عن جبهة لمواجهة هذا التغول.
قد يكون لشكر ربح معركة المجلس الوطني، وقد يربح معركة المؤتمر، ويعود كاتبا أول للاتحاد الاشتراكي، لكن سيبقى الحارس أقوى منه لأنه كان يفتح مقرا يدخله عبد الرحيم بوعبيد، الذي له احترام وتقدير الجميع إن لم نقل يهابه كثيرون. قد يربح كل ذلك لكن سيخسر معركة دمقرطة الحزب، وفي غيابها سيكون أي شعار يرفع تجاه الحكومة مرفوضا لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
لن يسعف لشكر التشبث بالقادة التاريخيين وخصوصا شهداء الاتحاد الاشتراكي، لأن الحزب برمته لن يسعفه إلا أن يكون حزب الشهادة على الواقع، الذي يسير نحو خدمة مصالح الرأسمال الضيقة، ومن غير الأخلاقي أن يقود سفينة حزب ينتظر منه المغاربة أن يكون ظهرههم الذي يحميهم من كان يسعى ليكون جزءا من حكومة “تجمع المصالح الكبرى”.