انتقدت النقابة الوطنية للتجار والمهنيين، تقرير مجلس المنافسة حول أسعار زيوت المائدة بالمغرب، حيث وصفته بـ”الباطل” و”غير الواقعي”، “والمجانب” للصواب”، مضيفة أنه يحتوي على “مجموعة من المغالطات والافتراءات”، وأكد المهنيون، على أن “التقرير ادعى بأن هامش الربح التجار بالتقسيط على زيوت المادة يصل لحدود 30.7 في المائة لعام 2020 و 10.5 في المائة لعام 2021 ، وهو تجني واضح على هذه الفئة من التجار التي لم يسبق لها أن حصلت على هذا الهامش من الربح إطلاقا، ولم يتجاوز هامش ربحها في أقصى الحدود 5 في المائة”، وأضاف أن ما “يزيد من فضاعة منحاه عندما يقول بأن هامش ربح شركات التوزيع العصري أو المساحات الكبرى والمتوسطة لا يتعدى 5 في المائة. وهو اتهام خطير للتجار بالتقسيط بأنهم هم المسؤولون عن الزيادات المتتالية في أسعار زيوت المائدة”.
وكان مجلس المنافسة اصدر أيه حول “مدى احترام منتجي ومستوردي زيوت المائدة في المغرب لقواعد المنافسة الحرة والنزيهة”، بعد الارتفاع الملاحظ في أسعار بيعها في السوق الوطنية، يشرح فيه العوامل التي تقف خلف الارتفاع، وكشفت نتائج الدراسة التي أجراها مجلس المنافسة بناء على طلب رأي من لدن رئيس مجلس النواب، على إثر الارتفاع الذي شهدته أسعار بيع هذه المادة في السوق الوطنية، أن الزيادات الأخيرة التي عرفتها أسعار زيوت المائدة بالسوق الوطنية ترجع لاجتماع عاملين أساسيين إحداهما موضوعي متعلق ببنية هذه السوق والآخر مرتبط بتطور أسعار المواد الأولية في السوق الدولية.
وأشار المجلس إلى أن المغرب يعرف خصاصا بنيويا على مستوى إنتاج الحبوب الزيتية إذ أن حاجيات البلد من المواد الأولية الزيتية يتم استيرادها تقريبا بالكامل بنسبة 98,7 في المائة من السوق الدولية على شكل زيوت نباتية خام بالأساس، فيما تساهم الحبوب الزيتية المنتجة محليا بنسبة 1,3 في المائة فقط، وأضاف أنه على مستوى قطاع استخلاص الزيوت النباتية الخام انطلاقا من الحبوب الزيتية، تنشط شركتان فقط ، وشركة معامل الزيوت بفضل وحدتها الصناعية المتمركزة بعين تاوجطات بجهة فاس – مكناس، وأضاف المجلس في رأيه أن ثلاث دول ومجموعات تزود المغرب بكل حاجياته من الزيوت النباتية الخام وهي الاتحاد الأوروبي، الذي يعتبر، أكبر مزود للمغرب من الزيوت النباتية الخام بنسبة 54 في المائة، تليه الأرجنتين بنسبة تقارب 34 في المائة ثم الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة تقارب 7 في المائة.
وأشار إلى أن هوامش ربح الشركات التي تنشط في سوق إنتاج زيوت المائدة تظل معقولة وتتراوح بين 4 في المائة و5 في المائة، مضيفا أن نشاط تصفية الزيوت النباتية الخام الوطنية يتميز بتنافسية كبيرة بالنظر لضعف واردات المغرب من الزيوت المصفاة.
وأشار المجلس، إلى أن هذه السوق “تبقى محمية بفضل الحواجز غير الجمركية المطبقة والمتعلقة بقواعد المنشأ، حيث أن الإعفاء من الرسوم الجمركية ال يشمل سوى الزيوت النباتية الخام المستخلصة من حبوب الصوجا المنتجة على مستوى دول الاتحاد الأوروبي، غير ذلك يتم تطبيق تعرفة جمركية بنسبة 40 في المائة”، ومن ناحية التوزيع الجغرافي، أشار المجلس إلى أن الإنتاج الوطني من زيوت المائدة يتمركز في ثلاث جهات والتي تعد أكبر مناطق استهلاك هذه المادة في المملكة، وهي جهة الدار البيضاء سطات بنسبة 62 في المائة حيث تتواجد وحدتان صناعيتان تابعتان لكل من شركة لوسيور كريسطال وشركة صافولا، تليها جهة سوس ماسة بنسبة 23 في المائة حيث تتواجد وحدة صناعية تابعة لشركة معامل الزيوت بسوس بلحسن، وجهة فاس – مكناس بنسبة 15 في المائة حيث تتواجد وحدتان صناعيتان تابعتان لكل من شركة معامل الزيوت بسوس بلحسين وشركة سيوف، وفي ما يتعلق بالعوامل المرتبطة بالسوق الدولية، أشار المجلس إلى أن الأمر يتعلق بالارتفاع الكبير في أسعار الزيوت النباتية الخام في السوق الدولية مع بدء مرحلة تخفيف القيود الصحية المرتبطة بجائحة كوفيد-19 والارتفاع المتزامن لأسعار النقل الدولي والطاقة.
و أوصى مجلس المنافسة بدعم الإنتاج الفلاحي المحلي لسلسلة الزراعات الزيتية بهدف تحسين السير التنافسي لسوق زيوت المائدة الوطنية، وأوضح المجلس في رأي حول “دراسة مدى احترام منتجي ومستوردي زيوت المائدة بالمغرب لقواعد المنافسة الحرة والمشروعة على إثر الارتفاع الذي شهدته أسعار بيع هذه المادة في السوق الوطنية” أنه “للتخفيف من تبعية المغرب للسوق الدولية في ما يخص المواد الأولية الزيتية، يتعين تطوير محاصيل الحبوب الزيتية المحلية وذلك عن طريق الرفع من مساحة الزراعات الزيتية ودعمها كما هو عليه الحال بالنسبة للقمح على سبيل المثال.
وأكد المصدر ذاته أن هذه التبعية ليست حتمية حيث إن المغرب كان قد تمكن من تغطية الحاجيات الوطنية من الزيوت انطلاقا من الحبوب الزيتية في سنة 1990 بمعدل 10 في المئة بفضل الدعم الذي كانت الدولة تقدمه سواء على الصعيد الفلاحي أو النشاط الصناعي، وتابع المجلس أن الأزمة الصحية المرتبطة بوباء كوفيد-19 أظهرت أهمية التوفر على إنتاج محلي من الحبوب الزيتية لتفادي انعكاسات الاضطرابات التي عرفتها سلاسل الإمدادات الدولية وكذا التخفيف من حدة تقلبات الأسعار في السوق الدولية، مبرزا أن المغرب يتوفر على إمكانات واعدة في ما يخص إنتاج الحبوب الزيتية قد تصل إلى 600 ألف هكتار كمساحة يمكن تعبئتها لزراعة حبوب نوار الشمس وحبوب الكولزا.
وأوصى مجلس المنافسة بتمديد الإجراءات المتعلقة بهذا العقد البرنامج في إطار المخطط القطاعي الجديد “الجيل الأخضر 2020-2030″، ومن أجل تحسين السير التنافسي لسوق زيوت المائدة الوطنية، يقترح المجلس أيضا تشجيع استهلاك زيت الزيتون للتقليص جزئيا من التبعية الناجمة عن استهلاك زيت المائدة، وتعزيز طاقة تخزين الزيوت النباتية الخام وإعادة تشغيل خط الأنبوب الرابط بين شركة “لا كوستوما” وميناء الدار البيضاء.
ودعا إلى تشجيع الفاعليين في سوق زيوت المائدة إلى اللجوء إلى الآليات المتاحة من أجل تغطية المخاطر، وتعزيز المنافسة بين الفاعلين على مستوى نقط البيع، وتحديث قنوات التوزيع التقليدية.
وكان مجلس المنافسة، وتطبيقا لمقتضيات القانون 20.13 المتعلق به، توصل المجلس بطلب رأي من طرف رئيس مجلس النواب، قصد إبداء رأيه حول مدى احترام منتجي ومستوردي زيوت المائدة بالمغرب لقواعد المنافسة الحرة والمشروعة على إثر الارتفاع الذي شهدته أسعار بيع هذه المادة في السوق الوطنية.