في خضم الجولة الجديدة من الحوار الاجتماعي التي أطلقتها الحكومة، عبّرت الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، عن تشاؤمها إزاء مخرجات الحوار، معتبرة أنه “لا جدوى منه” ما لم يُفعّل ما راكمته الاتفاقات السابقة، وتُستوعب المطالب الاجتماعية والمهنية التي طال انتظارها.
وفي بيان صدر عنها، شددت الجامعة على أن الحوار الاجتماعي يفقد معناه في غياب إرادة سياسية واضحة لتفعيل الالتزامات السابقة، وحماية مكتسبات الطبقة العاملة، والتصدي لما وصفته بـ”العدوان الممنهج على الحريات النقابية”، في إشارة إلى ما اعتبرته تضييقاً على العمل النقابي في عدد من القطاعات.
وطالبت الجامعة بإنهاء التمييز القائم بين الحد الأدنى للأجور في القطاعين الصناعي والفلاحي (SMIG وSMAG)، وذلك عبر إصدار مرسوم حكومي يحدد أفق سنة 2028 كموعد لتحقيق المساواة في الحد الأدنى للأجور بين مختلف قطاعات الشغل، معتبرة ذلك مدخلاً أساسياً لتحسين أوضاع العمال الزراعيين.
وفي ما بدا رسالة ضغط موجهة إلى الحكومة، وضعت الجامعة مجموعة من المطالب الملحّة، في مقدمتها: الزيادة العامة في الأجور والمعاشات، تعزيز القدرة الشرائية للطبقات العاملة، وتعديل ما أسمته بـ”القانون التكبيلي للإضراب”، والذي تعتبره معادياً لحقوق التعبير والتنظيم، مطالبة بتعديله بما ينسجم مع المعايير الدولية للعمل.
كما عبّرت النقابة عن رفضها للمقاربة “المقياسية” التي اعتمدتها الحكومة في ملف إصلاح التقاعد، معتبرة أنها تهدد حقوق المنخرطين الحاليين وتُحمّل الأجراء عبء التوازنات المالية على حساب الاستقرار الاجتماعي، مشددة على ضرورة توفير ضمانات عادلة ومنصفة في إطار صناديق التقاعد العمومية.
وأعادت النقابة التأكيد على ضرورة تنفيذ الاتفاقات القطاعية العالقة، خاصة تلك المرتبطة بالأنظمة الأساسية لفئات المتصرفين، والمهندسين، والتقنيين، والمساعدين الإداريين، والدكاترة العاملين في القطاع العام، إلى جانب إدماج حاملي الشهادات ضمن السلاليم المناسبة.
وفي ما يخص مأسسة الحوار الاجتماعي، طالبت الجامعة بتفعيل ميثاق الحوار على جميع المستويات، من المحلية إلى الوطنية، مع ضمان أن تكون مخرجاته ملزمة لجميع الأطراف، تجنباً لما وصفته بـ”الدوامة المتكررة من الوعود المؤجلة”.
ولم تُخفِ الجامعة قلقها من محاولات عرقلة العمل النقابي في عدد من الجهات، مطالبة السلطات بتمكين التنظيمات النقابية من الوصول القانوني وتلقي وصل الإيداع، وفتح حوار مباشر مع كل من وزارتي الفلاحة والشغل بشأن أوضاع العمال الزراعيين والفلاحين الصغار.
وفي مقابل هذا الموقف النقابي التصعيدي، أعلنت الحكومة المغربية، عبر الناطق الرسمي مصطفى بايتاس، تخصيص غلاف مالي غير مسبوق لدعم الحوار الاجتماعي، يصل إلى 45.7 مليار درهم بحلول عام 2026، ويرتفع إلى 46.7 مليار درهم سنة 2027، واصفاً إياه بأنه “رقم استثنائي يعكس جدية الدولة في إنجاح الحوار”.
غير أن الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي ترى أن الأرقام وحدها لا تكفي، في ظل غياب إجراءات عملية تُترجم الوعود إلى إنجازات ملموسة تحفظ كرامة الشغيلة وتكرّس العدالة الاجتماعية في قلب السياسات العمومية.