سجلت معطيات جديدة، ارتفاع عدد قضايا الاتجار في البشر المعروضة على القضاء سنة 2023 إلى ما مجموعه 110 قضايا، منها 77 إدانة وتبرئة 16، في حين تمت إعادة التكييف لبعض القضايا من طرف المحكمة، كما تمت إحالة قضيتين على المحكمة الابتدائية، حيث أنجزت اللجان الجهوية لمجلس حقوق الانسان الواقعة داخل النفوذ التُرابي لمحاكم القضايا المعنية، تقارير للتأكد من مدى احترام ضمانات المحاكمة العادلة، والتي على رأسها حقوق الضحايا في الانتصاف، وعدم إفلات المشتبه فيهم من العقاب.
و أكد المجلس في تقريره السنوي برسم سنة 2023 أنه بالرغم من المجهودات المبذولة، فلابد من التنبيه إلى أهمية الوعي بتشابك جريمة الاتجار في البشر وتداخلها مع ظواهر أخرى، مثل الدعارة والتسول والعمالة القسرية، مما يستلزم التكييف القانوني السليم، بما يضمن مبدأ التناسب بين الجريمة والعقوبة وبالتالي سير العدالة وفق القانون المعمول به، مشيرا أن تحدي رقمنة الجريمة والتطور التكنولوجي والإلكتروني يساهم في ظهور أشكال جديدة من هذه الجريمة.
و سجل المجلس إيجابا إصدار دليل عملي حول مؤشرات التعرف على الأطفال ضحايا جريمة الاتجار بالبشر من طرف رئاسة النيابة العامة ومنظمة اليونيسيف في أبريل 2023.
وأوصى في تقريره بالتمكين المالي والبشري واللوجستيكي للجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار في البشر والوقاية منه للقيام بالمهام المنوطة بها على أحسن وجه.
وأكد على أهمية مراعاة تداخل جريمة الاتجار في البشر مع جرائم أخرى خلال إجراءات التحقيق والمحاكمة، خاصة في قضايا العصابات والجريمة المنظمة والدعارة وقضايا العمل القسري.
ودعا إلى تعزيز الخدمات المتاحة لضحايا الاتجار في البشر، بما في ذلك المأوى والخدمات النفسية والاجتماعية والقانونية، مع تشجيع ودعم جمعيات المجتمع المدني التي تقدم خدمات متخصصة لفائدة الضحايا.
وأوصى أيضا بتكوين العاملين في أجهزة الأمن وإنفاذ القانون والقضاء ومفتتشي الشغل ومجال الرعاية الصحية والمواكبة النفسية والاجتماعية، لزيادة الوعي بقوانين مكافحة التجار في البشر والتعرف على الضحايا، خاصة الأطفال والأشخاص في وضعية إعاقة والنساء، والهاجرين في وضعية غير نظامية.
من جهته اوضح التقرير الخارجية الأمريكية الذي يهم سنة 2024، أن الحكومة أبدت ”جهودًا متزايدة بشكل عام مقارنة بالفترة المشمولة بالتقرير السابق. وتضمنت هذه الجهود، حسب تقرير خارجية بلينكن، زيادة الملاحقات القضائية، وتنفيذ آلية الاستجابة الوطنية، والموافقة على دليل تحديد هوية الضحايا ونشره، وإنشاء خط ساخن خاص بالاتجار بالبشر، والتنسيق مع المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية للبدء في إنشاء ملاجئ متخصصة للاتجار بالبشر.
و يذكر المصدر، لم تستوف الحكومة الحد الأدنى من المعايير في العديد من المجالات الرئيسية. ظلت المأوى والخدمات المتخصصة لضحايا الاتجار بالبشر غير كافية، ولم تبلغ الحكومة عن تقديم الدعم المالي أو العيني لمنظمات المجتمع المدني التي تقدم الخدمات للضحايا.
وبسبب التطبيق غير المتكافئ لإجراءات تحديد الهوية والإحالة الجديدة، أشار التقرير إلى أن الحكومة المغربية، قامت بشكل غير متسق بإحالة الضحايا الذين تم التعرف عليهم إلى المأوى والخدمات.
وعلى الرغم من ارتفاع مخاطر الاتجار بالمهاجرين واللاجئين في المغرب، نادرا ما حددت السلطات ضحايا الاتجار الأجانب أو قدمت لهم الخدمات. وفق التقرير عينه.
و ابرز التقرير استمرار الافتقار إلى إجراءات الفحص الاستباقية وتحديد الهوية في ترك بعض السكان، مثل المهاجرين غير الشرعيين، عرضة للسلطات التي تعاقبهم بشكل غير مناسب فقط بسبب أفعال غير قانونية ارتكبوها كنتيجة مباشرة للاتجار بهم، بما في ذلك انتهاكات الهجرة.
وشدد على أن “اللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر” تفتقر إلى الموارد والموظفين الكافيين لتنسيق جهود الحكومة بشكل فعال لمكافحة الإتجار بالبشر.
وأوصى التقرير بتنفيذ إجراءات منهجية لتحديد ضحايا الاتجار بشكل استباقي، وخاصة بين الفئات السكانية الضعيفة مثل المهاجرين غير المسجلين، وزيادة الجهود بشكل كبير لفحص الاتجار بين هذه الفئات السكانية.
و أوصى بتنفيذ آلية مكافحة الاتجار الوطنية بالكامل وتدريب السلطات القضائية وإنفاذ القانون، فضلاً عن المجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى في مجال حماية الضحايا على تطبيقها، وتوفير خدمات الحماية الكافية لضحايا جميع أشكال الاتجار، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، المأوى والخدمات النفسية والاجتماعية والمساعدة القانونية ومساعدة الإعادة إلى الوطن.
وضمن توصيات الخارجية الأمريكية، زيادة توفير الخدمات المتخصصة للفئات السكانية المعرضة للاتجار وزيادة الدعم المالي أو العيني للمنظمات غير الحكومية التي تقدم هذه الخدمات، تخصيص المزيد من الموارد والموظفين للجنة الوطنية لمكافحة الاتجار، التحقيق في المتاجرين ومقاضاتهم وإدانتهم باستخدام قانون مكافحة الاتجار، بما في ذلك قضايا العمل القسري، زيادة قدرة المسؤولين على تحديد ضحايا الاتجار وإحالتهم إلى الرعاية، بما في ذلك قضايا الاتجار الداخلي وقضايا الاتجار عبر الحدود، منفصلة عن جرائم تهريب المهاجرين.
وأيضا ضمان عدم معاقبة الضحايا بشكل غير مناسب فقط بسبب الأفعال غير القانونية التي ارتكبوها كنتيجة مباشرة للاتجار بهم، مثل “الدعارة” أو انتهاكات الهجرة، ومواصلة تنفيذ حملات التوعية الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، وتحسين جمع بيانات إنفاذ القانون وفصل بيانات الاتجار عن بيانات تهريب المهاجرين.