يعيش سوق الجملة للخضر والفواكه بمدينة الدار البيضاء، هذه الأيام، على وقع نقاش حاد بين المهنيين والإدارة، على خلفية ما وُصف بـ”تفويتات مشبوهة” لمحلات تجارية، شملت حالة استثنائية جرى فيها تسجيل عملية التنازل باسم تاجر متوفى منذ سنوات، الأمر الذي فجّر موجة استياء واسعة في صفوف المهنيين ودفع المكتب النقابي لتجار ومهنيي وعمال السوق إلى دق ناقوس الخطر.
في التفاصيل، رفع المكتب النقابي، المنضوي تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، شكاية رسمية بتاريخ 27 ماي 2025 إلى رئيسة جماعة الدار البيضاء، أعرب فيها عن قلقه البالغ من “شبهات تفويتات غير قانونية” داخل السوق، وطالب بفتح تحقيق إداري شفاف ونزيه لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية في حال تأكدت المخالفات.
ووفقاً للوثائق التي حصلت عليها النقابة، فإن من بين الملفات المثيرة للقلق حالة تفويت باسم شخص متوفى منذ فترة طويلة، ما اعتبرته النقابة “دليلاً دامغاً على وجود اختلالات خطيرة” تستوجب التدقيق والمحاسبة.
وفي محاولة لاحتواء الجدل، خرج مدير السوق، يوم 28 ماي 2025، بتصريحات صحفية قلل فيها من أهمية الشكاية، نافياً وجود أي خروقات في مسطرة التنازلات.
لكن المكتب النقابي سارع إلى الرد، معتبراً أن هذه التصريحات “تفتقر للدقة والمصداقية”، وأنها “لم تعتمد على معطيات رسمية أو على تواصل حقيقي مع ممثلي المهنيين”.
وأشار المكتب النقابي إلى أن مدير السوق، بصفته تابعاً لشركة “الدار البيضاء للخدمات” التي تسير المرفق بموجب اتفاقية انتداب، “لا يملك الصفة القانونية للإدلاء بتصريحات صحفية باسم جماعة الدار البيضاء”، مضيفاً أن أي تصريح رسمي يجب أن يصدر بتفويض صريح من المجلس الجماعي.
وشدد المكتب على أن الشكاية “ليست اتهاماً عشوائياً، بل هي قائمة على وثائق ومعطيات رسمية، وتطالب بفتح تحقيق إداري معمق ونزيه لتحديد المسؤوليات”.
كما أكد البيان أن بعض الملفات المعنية، بما في ذلك حالات التفويت المشبوهة، “معروضة حالياً أمام القضاء”، معبّراً عن “ثقته الكاملة في استقلالية السلطة القضائية ورفضه لأي محاولة للتأثير على سير العدالة أو توجيه الرأي العام”.
ولم يستبعد المكتب النقابي اللجوء إلى خطوات قانونية وإدارية إضافية، من بينها “طلب لقاء رسمي مع رئاسة جماعة الدار البيضاء، ورفع تقارير مفصلة إلى مؤسسات الحكامة والرقابة المختصة، لضمان الشفافية وحماية حقوق المهنيين والعاملين بالسوق”.
وختم البيان بالتأكيد على “الالتزام باحترام القانون والمؤسسات”، مشيراً إلى أن هدف المكتب هو “إرساء قواعد الشفافية والعدالة داخل هذا المرفق العمومي الهام، وصون حقوق المرتفقين بما يضمن استقراره وفعاليته”.