كشف التقرير الوطني السنوي للجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، أن عدد الضحايا الذكور بلغ 414 ضحية وعدد الضحايا الإناث 305، منهم 192 قاصرا، و213 راشدا، ويتوزعون بين 536 مغربيا و183 أجنبيا، وأبرز أن الاستغلال الجنسي يعد أكثر صور الاستغلال شيوعا للاتجار بالبشر بالمغرب حيث بلغ عدد حالاته 283 حالة، يليه الاستغلال في التسول “56 حالة” والسخرة “35 حالة”، بالإضافة إلى باقي الصور الأخرى للاتجار بالبشر.
وأكد التقرير أنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، سجل عدد المتابعين في قضايا الاتجار بالبشر ارتفاعا ملحوظا تجاوز 200 في المائة، بالنسبة لسنة 2018، و96 في المائة بالنسبة لسنة 2019، و قد بلغ عدد المتابعين في هذه القضايا ما مجموعه 585 متابعا، بين راشد وقاصر، منهم 84 من الأجانب، و144 من الإناث، معتبرا أن هذا الارتفاع يعزى إلى المجهودات المبذولة في التعريف بالجريمة وتفكيك الشبكات النشيطة فيها، وبحسب التقرير فإن عدد القضايا المسجلة عرف ارتفاعا مستمرا إذ انتقل من 17 قضية في سنة 2017 إلى 80 قضية في سنة 2018، ليصل إلى 151 قضية في سنة 2019.
و قال وزير العدل عبد اللطيف وهبي ، بصفته رئيسا للجنة الوطنية ، إن التقرير الوطني كشف عن حجم هذه الظاهرة ودرجة توسعها وانتشارها بالمغرب و”هو ما يدعونا جميعا إلى وضع معايير نوعية ودقيقة والبحث عن الممارسات الجيدة وتجارب المكافحة الناجعة في الدول الرائدة في المجال، وطرق التعرف على الضحايا وحمايتهم وتوفير آلية إحالة وطنية لهم وتمكينهم من خدمات جميع الفاعلين وفق كل حالة على حدة”، خاصة وأن الدولة ملزمة بموجب المادة الرابعة من المرسوم المحدث للجنة بتوفير الحماية والرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي لفائدة ضحايا التجار بالبشر.
وتابع وهبي أن الدولة ملزمة كدلك بالعمل على توفير أماكن لإيوائهم بصفة مؤقتة وتقديم المساعدة القانونية اللازمة لهم، وتيسير سبل اندماجهم في الحياة الاجتماعية أو تيسير عودتهم الطوعية إلى بلدهم الأصلي أو بلد إقامتهم حسب الحالة إذا كانوا أجانب.
وأكد أن الوزارة ، مواكبة منها لعمل اللجنة الوطنية ، تعمل جاهدة على إعداد نصوص قانونية مواكبة لتطور الجريمة وملاءمتها للاتفاقيات الدولية التي صادق المغرب عليها خاصة المستجدات التي طالت مشروع قانون المسطرة.
وكشف التشخيص الذي أعدته اللجنة الوطنية عن العديد من الإشكاليات التي تعترض التنزيل السليم للقانون وفقا لغاية المشرع المغربي إضافة إلى الصعوبات على مستوى التطبيق. وقد خلص التشخيص إلى مجموعة من التوصيات التي تم اقتراحها من طرف الممارسين في الميدان .
ويعكس هذا التقرير حصيلة سنتين من عمل اللجنة بعد تنصيب أعضائها في يونيو 2019، والجهود المبذولة من طرف كافة المتدخلين في التصدي للظاهرة مع الوقوف على بعض المداخل التي مازالت تحتاج إلى بذل جهود إضافية لمحو مكامن قصورها من خلال اقتراحات بناءة تسعى اللجنة إلى تنزيلها.
و أشادت مسؤولات أمميات وأوربيات ، بالرباط ، بالجهود التي يبذلها المغرب على المستويين القانوني والمؤسساتي من أجل محاربة الاتجار بالبشر وكذلك التكفل بالضحايا. واعتبرن خلال اجتماع خصص لتقديم التقرير الوطني السنوي للجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، أن المغرب أبان عن التزامه القوي بمكافحة هذه الآفة من خلال تعزيز الإطار القانوني المؤسساتي الكفيل بالتصدي لها.
وفي هذا السياق، قالت ممثلة المنظمة الدولية للهجرة بالمغرب لاورا بالاتيني في كلمة بالمناسبة، “نشيد بالجهود والعمل الذي قامت به المملكة عموما واللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه على الخصوص”.
وسجلت بالاتيني أن المغرب نميز في تدبير قضايا الهجرة وفق مقاربات قانونية وإنسانية واجتماعية، وبتعامله مع هذه القضايا في احترام تام للتشريعات والمواثيق الدولية.
من جانبها، أفادت رئيسة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بالمغرب سهام الفكيكي أن المملكة حققت “تطورا إيجابيا ” على المستويات التشريعية والمؤساتية في مكافحة الاتجار بالبشر وحماية الضحايا، مبرزة التعبئة والالتزام اللذين أبانت عنهما مختلف القطاعات المعنية بهذه الظاهرة.
وأكدت الفكيكي أن العمل المنسق بين القطاعات المعنية يشكل حجر الزاوية للتصدي لهذه الآفة التي باتت ننخذ أشكال جديدة من خلال استغلال الأنترنت والتكنولوجيات الحديثة. وبدورها، أبرزت ممثلة مجلس أوروبا بالرباط كارمن مورطي أن المغرب عزز تشريعه الوطني بإصدار قانون خاص بمكافحة الاتجار بالبشر، واتخذ عدة إجراءات لحماية حقوق الإنسان، خاصة حقوق الطفل والمرأة.
وأكدت مورطي أن المملكة نظل شريكا مميزا لمجلس أوروبا في مجال مكافحة هذه الظاهرة، مما يجعلهما يعملان سويا للتصدي لكافة أشكال الاتجار بالبشر.
ويتضمن تقرير اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه نبذة عن الجهود الوطنية المبذولة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر ورصد لهذه الظاهرة بالأرقام، إضافة إلى معطيات حول التعاون الدولي في المجال، والإكراهات والآفاق المستقبيلة لمكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه،
وتتمثل هذه الجهود على الخصوص في تعزيز الإطار القانوني من خلال جعل حقوق الإنسان خيارا استراتيجيا وهو ماتبناه دستور المملكة الذي جعل الاتفاقيات الدولية التي يصادق عليها المغرب تسمو على التشريعات الوطنية بمجرد نشرها.