مع توالي الاخفاقات والخروج المتكرر من كل مسابقة رسمية يكون الفريق الوطني مشاركا فيها، كون الجمهور المغربي مناعة مضادة للإخفاق ومواجهة الفتراة العصيبة والصعبة التي أخضت من جهده النفسي والعصبي الشيء الكثير.
وصل الجمهور المغربي إلى مرحلة النضج الكروي، البعيد عن ” ماهية العاطفة” التي تجلب عشاق الجلد المدور إلى التفاعل والتجادب مع أجواء اللعبة، والقطيعة مع الماضي الذي أخد منهم ما أخد، دون أن يعطي للتاريخ الكروي المغربي أي شيء.
قطيعة رياضية كروية مع المنتخب المغربي إمتدت حوالي 16 سنة، أي منذ نهائي رادس 2004 الذي وصل من خلاله الفريق الوطني المغربي إلى نهائي كأس أمم إفريقيا التي أقيمت بنوتس وحسم من خلالها صاحب الارض والجمهور اللقب لصالحه، بعد ان كان الاطار الوطني المغربي بادو الزاكي مدربا لأسود الاطلس.
المصالحة كانت مع تأهل الفريق الوطني المغربي إلى نهائيات كأس العالم بروسيا 2018 والبوادر التي ظهرت مع الناخب الوطني هيرفي رونارد الذي بدأ مشروعه مع تولي تدريب الفريق الوطني سنة 2016، حيث نجح في قيادة الاسود إلى نهائيات المونديال بعد غياب دام لعشرين سنة.
سقف التمنيات عند المغاربة كبر مع الظهور الجيد للفريق الوطني المغربي في مونديال روسيا، الخسارة امام ايران بهدف عكسي، وهزيمة المنتخب المغربي امام البرتغال بشرف، بعد ان كنا قريبين من هزم “البردقيز”، والتعادل الايجابي امام بطل العالم منتخب ” لاروخ” بهدفين لمثلهما، جعلت أبناء هيرفي رونارد أبطال في أعين أربعين مليون مغربي أمنوا وجددوا ثقتهم في أسود الاطلس.
الصدمات بل النكبات وقد يصل بنا الامر إلى أن نصفها بالنكسات على كثرتها كونت مناعة مضادة للإخفاق من قبل الجمهور المغربي، التي تركها كأس أمم إفريقيا 2019 الذي أقيم على أرض الكننة والتأهل بسهولة إلى النهائيات، والخروج بشكل مخيب للأمال.
تأهلنا إلى الدور الثاني بعد أن تجاوزنا دور المجموعات بالعلامة الكاملة، وإصطدمنا بمنتخب البينين الذي أدخل لاعبي الفريق الوطني في خانة الغرور الذي عجل بالخروج من “كان” مصر على يد منتخب حقق مفاجأة الدورة.
خيبة وصدمة جديدة للفريق الوطني الذي كان مرشح فوق العادة للوصول على الاقل إلى نهائي المسابقة، ودعنا الاطار الفرنسي هيرفي رونارد الذي قاد المنتخب المغربي على إمتداد ثلاث سنوات (2016-2019).
حقبة خليلوزتش التي عرفت الكثير (سنعود لها بالتفصيل في عمود خاص) حيث شكلت مرحلة بنية في تاريخ الاسود، الذي إستفاد منها وليد الركراكي نسبيا، مع توليه المهمة مباشرة بعد حسم التأهل إلى نهائيات كأس العالم قطر 2022.
هنا كل شيء سيتغير، بعد النكبات والخيبات، مونديال قطر سيشكل مرحلة فارقة بالنسبة للجمهور المغربي الذي كان ينتظر مشاركة تشبه أخير مشاركة بمونديال روسيا، لكن للركراكي واللاعبين والحظ كلام أخر.
مع أول مقابلة في دور المجموعات أمام منتخب كرواتيا، وصيف بطل العالم بروسيا 2018، الوقوف الند للند أمام هذا الفريق العنيد، جعلتنا نثق في قدرات لاعبينا، حتى وصلت مباراة بلجيكا التي أرحت نفوس المغاربة وصالحت المتيمين بالجلد المدور مع المنتخب المغربي.
التأكيد كان في مواجهة كندا وحسم التأهل إلى الدور الثاني في ثاني مرة في تاريخ الفريق الوطني بعد الاولى سنة 1986 بالمكسيك، الذي كان المنتخب المغربي أول منتخب عربي إفريقي يتأهل إلى الدور الثاني من نهائيات كأس العالم.
سقف الأمنيات كبر، وأصبحنا نفتخر بمنتخب جعلنا نحلم، ونحلم، مع وصول قمة المغرب و إسبانيا التي عرفنا كيف ننتصر حتى لو كان الدفاع وسيلتنا الوحيدة، مع تألق ياسين بونو في ركلات الجزاء.
للتاريخ وللحاضر وللمستقبل، المنتخب المغربي يواجه البرتغال في ربع نهائي المونديال، حقيقة أم خيال؟ بالفعل أكرمناهم وإلى البرتغال أرسلناهم على عجل، مواجهة فرنسا في نصف نهائي المونديال، والخروج بشرف ومغادرة المونديال كرابعي العالم، بكل إفتخار.
ماذا ننتظر بعد المونديال يا وليد ؟ كأس إفريقيا الكاميرون 2023.. المشاركة ثم الاخفاق امام جنوب إفريقيا، وعودة حليمة إلى عادتها القديمة، خسارة تساوي ألم و الإقصاء يساوي كابوس المشاركات في المنافسات القارية.