أعلن مولاي الحسن الداكي الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة و عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب، عزمهما على خوض حرب قانونية ضد غسل الأموال و تمويل الإرهاب وضد كافة التلاعبات المالية، عبر تنزيل شراكة فعالة وقوية بين رئاسة النيابة العامة وبنك المغرب، حيث تم التوقيع مساء الخميس بالرباط، على مذكرة تفاهم تروم وضع إطار للتعاون من أجل تبادل المعلومات والتجارب، و تعزيز آليات التنسيق والتعاون بين المؤسسات لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكافة أشكال الجرائم الماسة بالنظام البنكي والمالي.
و شدد مولاي الحسن الداكي الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، على أن ” حماية النظام البنكي والمالي من كافة الممارسات المنافية للقانون، والحرص على وضع آليات دائمة لمراقبة النظام البنكي وتحليل ومراقبة وضعيات مؤسسات الائتمان بشكل منتظم، أحد الدعائم الأساسية لتحقيق أهداف كل سوق مالية متطورة ومستقرة.
وأكد رئيس النيابة العامة خلال توقيع اتفاقية الشراكة والتعاون بين رئاسة النيابة العامة وبنك المغرب ، أنه اعتبارا للدور المحوري الذي يلعبه بنك المغرب في ضمان نزاهة العمليات المالية والحفاظ على النظامين البنكي والمالي ومواجهة كافة أشكال الإخلال بالأمن المالي، فإن رئاسة النيابة العامة وانطلاقا من دورها في حماية النظام العام الاقتصادي وتنفيذ السياسة الجنائية في هذا الاتجاه تراهن على أن تكون هذه الشراكة قيمة مضافة ستساهم لا محالة في الرفع من فعالية المنظومة الوطنية لتقنين وتخليق السوق المالية ومكافحة الجرائم المالية وجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأشار الداكي، الى المغرب مدعو في هذه المرحلة إلى تكثيف الجهود وتعزيز التعاون والتنسيق بغية تحسين أداء المؤسسات المالية، وهيئات الإشراف والرقابة وأجهزة إنفاذ القانون في سبيل تجاوز الملاحظات السلبية التي تضمنها تقرير التقييم المتبادل لبلادنا من طرف مجموعة العمل المالي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط، وتنزيل توصياتها الواردة في خطة العمل الموضوعة من قبل فريق المراجعة التابع لها، والتي تحث من خلالها بلادنا على ضرورة تعزيز آليات التعاون بين المؤسسات لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، لذلك فإن هذه الشراكة ستكون من الممارسات الجيدة التي ستنعكس إيجابا على تقييم بلادنا خلال عملية المتابعة المعزِّزة لمنظومتنا الوطنية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.
وأفاد أن ” تجويد الأبحاث القضائية ذات الصلة بالجرائم المالية يقتضي إعمال البحث المالي الموازي في دعم البحث الجنائي، والذي كان من بين التوصيات الأساسية التي أقرتها مجموعة العمل المالي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط، ولا شك أن الاستعانة بالتقنيات المعلوماتية المؤمنة لتسريع وتيرة معالجة الأوامر والتعليمات الصادرة عن النيابة العامة في إطار الأبحاث القضائية عبر الآلية التقنية المزمع إحداثها لهذه الغاية سيكون له الأثر الإيجابي في الكشف عن المتحصلات المالية للجريمة، وتجويد المعالجة القضائية لقضايا غسل الأموال وتعقب الأموال وحرمان المجرمين من الانتفاع بها ، وعلى ضوء ذلك فإن عزم رئاسة النيابة العامة لأكيد على القيام بكل ما يساهم ويعزز التنسيق مع بنك المغرب بشأن حماية النظام العام الاقتصادي والرفع من فعالية المنظومة الوطنية لتقنين وتخليق السوق المالية والتصدي لكل أشكال الانحرافات التي قد يكون لها طابع زجري”.
من جهته أكد عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب ، على أن مؤسسة النيابة العامة وبنك المغرب تَرْبِطُهُمَا عَلَاقَةٌ مَتِينَةٌ، تَـمْتَدُّ مُنذُ زَمَنٍ لَيْسَ بالقريب، تَتَمَثَّلُ في التعاون المسْتَمِرِّ في إطار القانون، مِن أجل صَوْنِ سلامة النِّظَامِ المالِي الوطني، مؤكدا أن المغرب يعد حَلَقَةً رَئِيسِيَّةً في سِيَاقِ الأبحاث والتحقيقاتِ الماليَّةِ التي تأمر بها النيابة العامة وتُشْرِفُ على حُسْنِ سَيْرِهَا، معتبرا أن الاتفاق يعد مُبَادَرَةٌ لِتَثْمِينِ هذه العَلَاقَة القَائِمَة، وَالَّتِي سَوْفَ تُكَلَّل ِباعتِمَادِ قَنَاةٍ مَعْلُوماتِيَّة مُؤَمَّنة لتسريع وَتِيرَة تَبَادُل المعلومات، وَأود أن َأُشِير إلى أنَّ هذا الوَرْشَ المعلوماِتيَّ قد قَطَعَ أَشْوَاطاً مُهِمَّةً، حَيثُ سَيَتِمُّ الشُّرُوعُ في العمل بِهِ في غُضُونِ الأسابيع القليلة المُقْبِلَة.
وكشف الجواهري، عن مَأْسَسَةَ مُنْتَدىً دَائِم لتبادل الرَّأْيِ حول قضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وَهُوَ الأَوَّلُ مِن نَوْعِهِ على الصَّعِيدِ الوطني، يُتَوَخَّى منه إِثْرَاءُ التفكير وَنَشْرُ الوَعْيِ حول هَذِهِ المُعْضِلَة، على أن يُشَكِّلَ في المَدَى المُتَوَسِّطِ قُوَّةً مَرْجِعِيَّة واقْتِرَاحِيَّة يـُحْتَذَى بها، مؤكدا أن هذه الخطوة، لَـِمنْ شأنها أن تُعطيَ إشارةً قويَّةً لمنظمات التقييم المختصة عنْ مَتَانَةِ التَّنْسِيقِ والتَّعَاوُنِ بين مُؤسَّسَاتِ الدَّوْلة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأن تُسْهِمَ في إِخْراجِ بِلادِنا مِنَ القوائم السِّلْبِيَّة للبلدان التي تُعَاني من “أَوْجُهِ قُصُورٍ استراتيجية” في هذا المجال، لما لهذا التصنيف من تداعياتٍ على القطاع المالي، وعلى تَدَفُّقِ الاستثمارات والتحويلات الخارجية.
ودعا الداكي، الى بداية مسار من التعاون البناء والمثمر بين بنك المغرب ورئاسة النيابة العامة على نحو يكرس المبادئ الأساسية التي جاء بها دستور المملكة، خاصة ما يتعلق بالمقاربة التشاركية والتعاون بين الهيئات والمؤسسات، وهو الأمر الذي ما فتئ جلالة الملك يوصي به في هذا الصدد، مستحضرا الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس دام نصره وعزه بتاريخ 28 يوليوز 2018، بمناسبة الذكرى الـ19 لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين حيث قال جلالته: “إن تحقيق المنجزات، وتصحيح الاختلالات، ومعالجة أي مشكل اقتصادي أو اجتماعي، يقتضي العمل الجماعي، والتخطيط والتنسيق، بين مختلف المؤسسات والفاعلين”.