أثمر الحرص الملكي، لملائمة التكوينات المهنية والعلمية مع سوق الشغل بالمغرب، على إخراج رؤى تكوينية ومهنية جديدة بالمغرب، عبر إنشاء مدن جديدة تختص بالابتكار والإبداع والتطوير العلمي والمهني، وعملت العناية الملكية بتطوير التكوين وتطوير الصناعات والمقاولات، على المخططات والأورش الملكية في النهوض بالتشغيل ورفع قدرات الشباب للعمل ومحاربة البطالة تعيش حالة من الإنسجام، حيث شكلت إلتقائية المخططات دافعا مهما في انسجام المسارات بين التكوين وسوق الشغل، حيث حرص جلالة الملك على تدشين مدينة الابتكار سوس – ماسة، التي تعد تجسيدا للتنزيل الجهوي لمخطط التسريع الصناعي، الذي أطلقه في 28 يناير 2018، انسجاما مع مخطط مدن الكفاءات والمهن.
وكشفت المدينة الجديدة للإبتكار بجهة سوس ماسة، الحرص الملكي على الدفع برافعات التكوين والتطوير نحو إيجاد الحلول وفتح أفاق جديد للعمل والتطور، لجعل الجهة قطبا اقتصاديا مركزيا للمملكة، قادرا على خلق فرص الشغل للشباب وضمان نمو شامل خدمة للمواطن، و رافعة حقيقية لانبثاق بيئة ملائمة للبحث وتطوير الابتكار.
وتعمل المدينة الجديدة، على تشجيع روح المبادرة المقاولاتية وخلق مقاولات ناشئة مبتكرة عبر عملية الاحتضان، وتثمين نتائج البحث العلمي لفائدة القطاعات الاقتصادية والأنظمة الصناعية للجهة، ونقل التكنولوجيا والتقريب بين المقاولات وبنيات البحث والتطوير، بعدما كلف المشروع الرائد غلافا ماليا بـ42 مليون درهم، على حاضنة للمقاولات والمقاولات الناشئة المبتكرة ومركز للبحث والتطوير، يحتضن مختبرات “تحديد وتحليل الوحدات الطبيعية” و”التكنولوجيا العضوية والصحة”، و”تحليل المخلفات”، و”التغيرات المناخية والتنمية المستدامة”، و”الماء والطاقة”، و”الطاقات المتجددة”، و”الصناعة بالمختبرات”، كما يحتوي على قاعات للاجتماعات والندوات والمعلوميات والتكوين، وفضاء للعمل المشترك، وآخر للتوثيق، و شباك موحد لتسهيل العمليات الإدارية للمقاولات.
وعرفت هذه المدينة، التي تم تزويدها بتجهيزات من الجيل الجديد، إنجاز 20 بنية منها 14 مقاولة ناشئة، وثلاث مجموعات شركات، وثلاث بنيات للمواكبة “، كما سيتم إنجاز حاضرة تكنولوجية (تيكنوبارك) بمبلغ 55 مليون درهم، للمقاولات الصغرى والمتوسطة، والمقاولات الناشئة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال.
وتعرف المنطقة، متابعة أزيد من 211 مشروعا صناعيا باستثمار تقديري يبلغ 8.2 مليار درهم، مع خلق 29 ألفا و222 منصب شغل مباشر، 187 مشروعا منها عملية أو قيد التنفيذ أو ملحقة بالمناطق الجديدة المهيأة، إذ ستمكن من خلق 19 ألفا و346 منصب شغل مباشر، أي 81 بالمائة من الأهداف المسطرة.
و حرص جلالة الملك محمد السادس، أول أمس الخميس بجماعة الدراركة بأكادير، على الإشراف على توقيع الاتفاقية المتعلقة بتمويل مدن المهن والكفاءات، حيث وأعطى جلالة الملك، انطلاقة أشغال بناء مدينة المهن والكفاءات سوس -ماسة، التي سيتم إنجازها على مساحة 15 هكتارا، تخصص 5 هكتارات منها لتوسيع مستقبلي، وذلك بغلاف مالي إجمالي يبلغ 430 مليون درهم.
وأكدت لبنى طريشة المديرة العامة لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، أن الأوراش الإصلاحية والتنموية التي أطلقها المكتب، جاءت تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، وتنزيلا لخارطة الطريق الجديدة الرامية إلى تطوير قطاع التكوين المهني.
وأكدت طريشة، أن هذه الأوراش ترمي إلى توفير تكوين ذي جودة وفق معايير مادية وبيداغوجية جديدة، تضمن نجاح عملية التكوين، وتأخذ بعين الاعتبار التقائية التكوينات مع الحاجيات الحقيقية لسوق الشغل، وترتقي بصورة التكوين المهني كرافعة للتنمية والتشغيل وتحقيق الإدماج الاجتماعي.
و أبرزت أن المكتب يعمل على إعادة هيكلة عرضه التكويني بشراكة مع المهنيين، مشيرة إلى أنه تم في 2019 إطلاق ورش لتحيين هندسة التكوين يخص جميع القطاعات، سيمكن في أفق الدخول التكويني لسنة 2021، من توفير شعب جديدة وبرامج حديثة تستجيب لحاجيات المنظومات الاقتصادية القطاعية والجهوية، و أضافت أن المكتب يسعى إلى توسيع العرض، من خلال إنجاز مجموعة من المشاريع المرتبطة بالاتفاقيات الموقعة أمام أنظار الملك، والتي تهم إحداث 28 مؤسسة بمختلف جهات المملكة.
وأوضحت أنه تنفيذا للتعليمات الملكية السامية التي تحث على تعزيز تعلم اللغات الأجنبية وإدماج التكنولوجيا الحديثة في التكوين، اقتنى المكتب نهاية سنة 2019، منصة لتعلم اللغات وفق نظام يجمع بين الوحدات الحضورية والتعلم عن بعد، لافتة إلى أنه سيتم تنزيلها ابتداء من الدخول التكويني المقبل.
وأبرزت أيضا أنه تم وضع مكتبة وسائطية رقمية توفر ما يقارب 40.000 من أحدث وأنجع المراجع العلمية بمختلف التخصصات، رهن إشارة المتدربين والمكونين والأطر الإدارية، مشيرة إلى أنه، وسعيا لمواكبة المتدربين للقيام باختيار ناجع لتخصصهم المهني، يعمل المكتب حاليا على وضع منصة إلكترونية وبرنامج للتوجيه، بهدف توعية المترشحين بأهمية المشروع المهني الذي سيقدمون عليه.
وكشفت أن المكتب، يهدف إلى تحسيس المتدربين بأهمية المبادرة المقاولاتية والتشغيل الذاتي، بموازاة مع تحديث البرامج الخاصة بحاملي المشاريع، إضافة إلى إسهام المكتب في برامج التأهيل الموجهة لإدماج القطاع غير الهيكل.
وذكرت مديرة مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل بهذه المناسبة، بأن المكتب يحرص على تثمين رأسماله البشري، عبر اعتماد سياسة توظيف تتوخى ضمان فعالية أكبر في التأطير والتدبير، زيادة على اعتماد برامج ملائمة للتكوين المستمر، تساهم في تعزيز الكفاءات التقنية والبيداغوجية لمختلف الفئات المتدخلة في التكوين.
وقد تم تصميم المدينة الجديدة بشكل يسمح باستقبال 3000 متدربة ومتدرب سنويا، وتشمل دارا للمتدربين بطاقة إيواء تصل إلى 400 سرير. وسيهم العرض التكويني الذي ستوفره مدينة المهن والكفاءات لجهة سوس -ماسة، 10 قطاعات للمهن تضم 88 شعبة، و80 بالمائة من التكوينات متوجة بدبلوم “العامل المؤهل، التقني، والتقني المتخصص”، و20 بالمائة من التكوينات التأهيلية، عبر مسارات قصيرة المدى، تتوج بالحصول على شهادة.
ويتميز عرض التكوين لهذه المدينة بتنوعه وانفتاحه على مهن جديدة ستشكل 60 بالمائة من العرض التكويني الإجمالي، بينما ستمثل الشعب المحينة باقي العرض بنسبة 40 بالمائة.
وتهم أبرز المهن المعتمدة قطاعات الصناعة “21 شعبة/760 متدرب في السنة”، والرقمية وترحيل الخدمات “12 شعبة/520 متدرب في السنة”، والتسيير والتجارة “5 شعب/240 متدرب في السنة”، والسياحة وإدارة الفنادق “10 شعب/515 متدرب في السنة”، والبناء والأشغال العمومية “5 شعب/180 متدرب”، كما يتعلق الأمر أيضا بقطاعات الصحة ” 7 شعب/260 متدرب في السنة”، والفلاحة “7 شعب/145 متدرب في السنة”، والصيد البحري “7 شعب/220 متدرب في السنة”، والصناعة الغذائية “10 شعب/420 متدرب في السن” والصناعة التقليدية “4 شعب/160 متدرب في السنة”.
وتعتبر مدينة المهن والكفاءات سوس -ماسة أول تجسيد لبرنامج مدن المهن والكفاءات، حيث ستكلف غلافا ماليا بقيمة 3,6 مليار درهم، والذي سيتم بموجبه إنجاز 12 مدينة للمهن والكفاءات على مستوى مختلف جهات المملكة، والتي ستكون بمثابة منصات متعددة الأقطاب والتخصصات للتكوين المهني، وستستقبل كل سنة 34 ألف متدرب للتكوين.