هاجم برلمانيون مخططات عزيز أخنوش الفلاحية، معتبرين أن المخططات الفلاحية المشجعة على إنتاج الطماطم والحوامض والأفوكادو، ساهمت في استنزاف الفرشة المائية، وأكدت المجموعة “البيجيدي” في جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، بمجلس النواب، أن المخطط فشل في تحقيق السيادة الغذائية للمغرب، وتساءلت المجموعة هل من المعقول أن نستثمر في الموارد المائية بمبالغ مهمة ثم نقوم بتصدير هذه المياه على شكل منتجات فلاحية.
وشددت على أنه لا يوجد أمن غذائي بدون سيادة مائية، واليوم في سنة 2022 لم يعد مقبولا أن توجد مناطق غنية ومصدرة فلاحيا، وفي نفس الوقت تخرج ساكنة هذه المناطق في وقفات احتجاجية للمطالبة بالماء الشروب، ودعت إلى مراجعة الخريطة الفلاحية بشكل عاجل، مع وضع حد لتوسع الزراعات الأكثر استهلاكا للماء، وإعادة الاعتبار لزراعة الحبوب والقطاني وتشجيع البذور المقاومة للجفاف وفقر التربة، وطالبت بمراجعة التعيينات في مناصب المسؤولية فيما يخص التجهيزات المائية، والإفراج عن النصوص المتبقية والأنظمة الأساسية لقانون الماء.
وشددت فدرالية اليسار الديمقراطي، على أن المغرب يعاني من إجهاد مائي مقلق حيث تستهلك الفلاحة لوحدها 85 في المائة من المقدرات المائية للبلاد، وأشارت التامني في جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، الاثنين، أن المياه الضخمة التي تستهلك في الفلاحة لم تساهم أبدا في تحقيق الاكتفاء الذاتي للبلاد.
وأوضحت أن السياسات المتعاقبة شجعت الفلاحة التصديرية بمنتوجات لا تتجاوب مع حاجيات المواطنين والمواطنات المغربيات، ورهنت السيادة الغذائية للمغرب، وأكدت على ضرورة إعادة الاعتبار للثروة المائية لأنها ثروة وطنية وليست مجرد عامل للإنتاج والاستهلاكات المكثفة من قبل الشركات الريعية والمحميات، ودعت إلى إعادة النظر في السياسة المائية المتبعة وتسريع وتيرة المشاريع غير التقليدية المتعلقة بالماء.
من جهته اعتبر رئيس الحكومة عزيز أخنوش ، أن المغرب عرف أسوأ موسم من حيث شح الأمطار والمياه، حيث اقتربنا من الحد المطلق لنقص هذه المادة الحيوية، وأضاف في جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، بمجلس النواب، أن هذه الوضعية لها تداعيات على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وما صاحبها من مخاوف حقيقية لدخول بلادنا في أزمة مائية، وتابع “الحمد لله التساقطات المطرية الأخيرة أنعشت الآمال في رفع حقينة السدود وتفادي نقص الماء الشروب، وفتح آفاق للموسم الفلاحي”، وزاد ” لكن تثنينا هذه البشائر عن تكثيف الجهود وتعزيز الاستثمارات لمواجهة خطر الإجهاد المائي الذي عرفته المملكة خلال السنين الأخيرة، وتجنيب البلاد السناريوهات الأسوأ فيما يخص هذا المجال”، ولفت إلى أن تعبئة الموارد المائية كانت دائما موضع اهتمام خاص في المغرب، مشيرا أن الحكومة سعت منذ بداية ولايتها إلى وضع إطار منهجي واضح بهذا الخصوص بمنح السياسة المائية أولوية خاصة في البرنامج الحكومي.
واعتبر أخنوش أن المغرب أرسى سياسة مائية محكمة منذ فجر الاستقلال إلى اليوم وهو ما مكن من الاستجابة إلى الحاجيات الاقتصادية، والأمن المائي والغذائي للبلاد، وأبرز أن المغرب يتوفر على 149 سدا كبيرا بسعة إجمالية تفوق 19 مليار متر مكعب، و 137 سدا صغيرا لدعم ومواكبة التنمية المحلية، و 88 محطة لمعالجة مياه الشرب، بما فيها تسع محطات لتحلية ماء البحر، والتي توفر 147 مليون متر مكعب من الماء في السنة، وآلاف الآبار والأثقاب لاستخراج المياه الجوفية.
وسجل أن هذه المجهودات مكنت من تعميم التزويد بالماء الصالح للشرب في العالم الحضري بنسبة 100 في المائة، كما يتم تعميم متابعة التزود بالماء الشروب في العالم القروي، وبلغت المنشآت المنجزة فيه نسبة ولوج تصل إلى 98 في المائة، إضافة إلى سقي أزيد من 2 مليون هكتار من الأراضي الفلاحية.
وأكد أنه لازالت هناك تحديات وإكراهات عديدة ترتبط أساسا بتأثيرات التغيرات المناخية وما يترتب عنها من ندرة للمياه وانعكاسها الملموس على بيئة الإنسان وصحته، في ظل ارتفاع المهول لدرجات الحرارة التي يشهدها العالم في السنوات الأخيرة، وخاصة في دول حوض البحر الأبيض المتوسط.
وشدد على أن المغرب عرف موجات متتالية من الجفاف كانت أقساها في الفترة الممتدة ما بين 2018 و 2022، والتي عرفت أسوأ حالة جفاف على الإطلاق، بلغت فيها المواد المائية 17 مليار متر مكعب وهو ما يشكل أدنى إجمالي للواردات خلال خمس سنوات متتالية.
و أعلن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أنه سيتم تعزيز الاستثمارات في إطار للبرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، من خلال الرفع من الاعتمادات المالية المخصصة للبرنامج من 115 إلى 150 مليار درهم.
وأبرز أخنوش، في معرض رده على سؤال محوري بمجلس النواب، في إطار الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة حول موضوع “السياسة المائية بالمغرب”، أن هذا الإجراء يروم تدارك التأخر الحاصل في تنفيذ بعض المشاريع، وتقديم البعض الآخر منها كإنجاز الشطر الثاني من محطة التحلية لأكادير الذي تمت برمجته في أفق 2025 بدل 2030.
وقال إنه سيتم إطلاق الدراسات الخاصة بمشاريع إضافية سترى النور مستقبلا، لاسيما ما يتعلق بمحطات لتحلية مياه البحر في كل من الدار البيضاء والناظور وآسفي والداخلة والجديدة ومراكش والصويرة وكلميم وطانطان وتيزنيت، ومراجعة البرمجة المتعلقة بالسدود، وإدراج سدود أخرى جديدة.
وأكد أخنوش أن الحكومة ستعمل على تحيين وتسريع تنزيل المحاور الأساسية للبرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الموقع أمام جلالة الملك محمد السادس في يناير 2020،مشيرا إلى أنه سيتم رفع التوصيات التي أقرتها لجنة قيادة هذا البرنامج المنعقدة مؤخرا، إلى النظر السديد لصاحب الجلالة لتنال موافقته السامية.
وأوضح في هذا السياق، أن الحكومة تنكب على تنمية العرض المائي الوطني عبر تعزيز سياسة السدود، إذ تتم مواصلة إنجاز أشغال 20 سدا كبيرا بكلفة إجمالية تقدر بحوالي 31 مليار درهم بسعة تخزينية تصل 6.4 مليار متر مكعب، منها ثلاث سدود في طور الانتهاء بكل من تيداس بخنيفرة، وتودغى بتنغير، وأكدز بزاكورة، إضافة إلى ثلاثة سدود في طور إطلاق الأشغال بكل من تاغزيرت ببني ملال، وتامري بعمالة أكادير إداونتنان، وواد لخضر بأزيلال، مضيفا أنه تم إطلاق طلبات العروض لإنجاز أشغال سدين كبيرين بكل من العرائش وصفرو بكلفة مالية تقدر بـ 2 مليار درهم.
و أبرز رئيس الحكومة أنه تم إنهاء إنجاز أشغال سدين صغيرين بكل من إقليم تيزنيت وتاوريرت، في الوقت الذي تتم مواصلة إنجاز أشغال 7 سدود صغرى بأقاليم فجيج، الناظور، طاطا، الراشيدية، بن سليمان، شفشاون والناظور، كما تم، يضيف أخنوش، التوقيع على اتفاقية إطار وشراكة لإنجاز 129 سدا تليا وصغيرا، خلال الفترة ما بين 2020 و 2022-2024، مع برمجة غلاف مالي يفوق 100 مليون درهم سنويا لتحسين معرفة واستكشاف الموارد المائية الجوفية عبر إنجاز أثقاب وتجهيزها.
ولفت رئيس الحكومة إلى أنه تفعيلا للتوجيهات الملكية، باشرت الحكومة عقد لقاءات مع المقاولات المكلفة ببناء السدود المبرمجة عن طريق وزارة الماء لتقليص المدة الزمنية المخصصة إلى ما يقارب النصف، مضيفا أنه تم إنهاء إنجاز مشاريع لتجميع مياه الأمطار بكل من أقاليم تارودانت، تيزنيت، زاكورة وشفشاون، إضافة إلى الشروع في إنجاز مشاريع لتجميع مياه الأمطار بأقاليم سيدي إفني، السمارة، شيشاوة وخريبكة، لتنضاف إلى عشرات المشاريع التي كانت موجودة في السابق.
و اعتبر أخنوش أنه في ظل هذا السياق الصعب، بات من الضروري الاعتماد على بدائل وخيارات مستدامة لضمان الأمن المائي بالمغرب، من خلال اللجوء إلى تعبئة موارد مائية غير اعتيادية، خاصة وأن البلد يتوفر على إمكانيات هامة ينبغي تثمينها واستغلالها، وتتمثل أساسا في واجهتين بحريتين تمتدان على 3500 كيلومتر.
وأكد أنه على غرار محطة جهة سوس- ماسة، المتواجدة بإقليم اشتوكة- أيت باها، التي”ينبغي الإشادة بها كتجربة ناجحة، والتي تمكن من إنتاج 400 ألف متر مكعب من المياه المحلاة يوميا عند استغلال سعتها القصوى، توجه للاستعمالات السقوية والتزود بمياه الشرب”، فإن الحكومة تشرع حاليا في مواصلة الدراسات لإنجاز مشروع محطة تحلية مياه البحر بجهة الدار البيضاء – سطات التي ستبلغ قدرتها الإنتاجية 300 مليون متر مكعب في السنة، في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، مما سيمكن من توفير الماء لساكنة هذه الجهة، وتخفيف الضغط على حوضي أم الربيع وأبي رقراق.
وفيما يتعلق باستخدام المياه العادمة، أوضح أخنوش أن هذا الخيار ي عد حاسما لمواجهة تحدي الإجهاد المائي بالمغرب، ليساهم في التقليل من تلوث الفرشة المائية، ومن تدفق التلوث المتبقي الذي يتم تصريفه في البيئات المستقبلة، وهو “ما يحتم علينا استغلال هذه المياه بطرق ناجعة”.
وأفاد أن الحكومة قامت بإعداد اتفاقية تهم إنجاز 8 مشاريع لإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، ستوفر حوالي 12 مليون متر مكعب من المياه في السنة، بكلفة 454 مليون درهم، بكل من قلعة السراغنة، وجدة، الرباط، سلا، الصخيرات، تمارة، بنسليمان، الراشيدية، العيون، شتوكة أيت باها والحسيمة، بالإضافة إلى توسيع شبكة تطهير السائل، والرفع من إعادة استعمال المياه العادمة، وفق البرنامج الوطني للتطهير السائل المندمج (PNAM)، الذي يستهدف 150 مركزا حضريا و1200 مركز قروي.
وشدد أخنوش على أن الحكومة تعمل على تفعيل مشاريع الربط بين المنظومات المائية، بفعل تركز نصف الواردات السطحية في الأحواض الشمالية الغربية التي لا تتعدى مساحتها 7 في المائة من مجموع التراب الوطني، عبر إنجاز الدراسات الضرورية الخاصة بالربط بين أنظمة المياه المتعلقة بالأحواض المائية، آخذة بعين الاعتبار المستجدات المرتبطة بالطلب على الماء، وتأثير التغيرات المناخية.
وفي هذا الصدد، أشار إلى أنه تم إطلاق إنجاز مشروع الشطر الاستعجالي لربط سد المنع المتواجد في حوض سبو، بسد سيدي محمد بن عبد الله المتواجد في حوض أبي رقراق بصبيب 15 متر مكعب في الثانية وبتكلفة تقدر ب 6 مليار درهم، م شيدا بتوفر المغرب على شركات وطنية رائدة في هذا المجال، ستساهم في إنجاح هذا الورش وتنفيذه وفق الالتزامات والآجال القانونية المتفق عليها.