نبهت المعارضة بالبرلمان، الى “فرضيات” و تسويات مالية ” بقانون ميزانية 2023، معتبرين أن المشروع الميزانية الذي احالته الحكومة على لبرلمان، لا يحمل جديدا في الوفاء بوعود الحكومة و أن الزيادات في أجور مهنيي الصحة و التعليم تدخل في إطار تصحيح وضعية تلك الفئات وتسوية أوضاعها، معتبرين ان المشروع يحمل مجموعة من الفرضيات تبني عليها الحكومة ميزانتيته القابلة للتحقق او الفشل”، مستغربين من تعهد المشروع على إحداث 48 ألفا و212 منصبا ماليا مقابل 43 ألفا و860 سنة 2022.
و اعتبر رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، ادريس السنتيسي، أن مشروع قانون المالية لسنة 2023 يقوم على فرضيات “غير دقيقة”. وقال إن الأرقام التي وردت في المشروع “عادية”، مسجلا أن الإضافة الوحيدة التي جاء بها تتمثل في الزيادات في أجور مهنيي الصحة والتعليم.
و تبنى عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب ، نفس القراءة، معتبرا أن المؤشرات التي يقوم عليها مشروع قانون المالية مشوبة بعدم الدقة، ويرى أنه “من غير المنطقي تحقيق نسبة نمو في حدود 4 في المائة وحصر معدل التضخم عند 2 في المائة في ظل الارتفاع الكبير للأسعار”، ووصف رئيس المجموعة النيابية الزيادات المقررة في أجور مهنيي الصحة والتعليم التي جاء بها مشروع قانون المالية بأنها مجرد “تسويات”، متسائلا عن مدى قدرة الحكومة على تنزيل ورش الدولة الاجتماعية.
و سجل أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن مشروع قانون المالية يأتي في سياق وفاء الحكومة بالتزاماتها الواردة في برنامجها الحكومي، وعلى رأسها بناء الدولة الاجتماعية التي من ركائزها تعميم التغطية الصحية والاجتماعية على جميع المواطنين، وأكد التويزي أن الحكومة ماضية في هذا الاتجاه عبر التكفل بتكاليف الاشتراك في التأمين الإجباري عن المرض لصالح ما يزيد عن 4 ملايين أسرة في وضعية هشاشة وتخصيص موارد مالية ضخمة لتأهيل المنظومة الصحية مقارنة بالسنوات السابقة، بالرغم من الظرفية الاقتصادية الصعبة، وأشاد رئيس الفريق بحرص الحكومة على الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين من خلال دعم صندوق المقاصة بـ 26 مليار درهم، وإحداثها للمزيد من المناصب المالية مقارنة بالسنة الماضية، وسعيها لتنزيل خارطة الطريق لإصلاح منظومة التربية والتعليم، معربا عن يقينه أن المملكة ستحافظ على توازناتها المالية رغم الظرفية الدولية التي لا يمكن التنبؤ بمآلاتها.
و أفادت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، بأن المداخيل العادية سترتفع بحوالي 50 مليار درهم مقارنة بقانون المالية لسنة 2022، أي بزيادة قدرها 19 في المائة. وأوضحت السيدة فتاح العلوي، لدى تقديمها للخطوط العريضة لمشروع قانون المالية في جلسة عمومية لمجلسي البرلمان، اليوم الخميس، أن استدامة الإصلاحات تستدعي توفير كل الهوامش المالية الممكنة، من خلال تعبئة الموارد الضريبية ومواصلة تدبير التمويلات المبتكرة، بالموازاة مع ترشيد نفقات السير العادي للإدارة، وتفعيل إصلاح منظومة الصفقات العمومية، وإصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، إلى جانب عقلنة تدبير المحفظة العمومية، والرفع من مردوديتها. في هذا الصدد، أفادت المسؤولة الحكومية بأن الموارد الضريبية والجمركية ستعرف زيادة بـ 14.5 في المائة، مضيفة أن إصلاح المؤسسات العمومية والتدبير النشط للمحفظة العمومية، بعد تفعيل الوكالة الخاصة بهذه الغاية، سيمكن من رفع هذه الموارد بنسبة 39 في المائة، وهو ما سيسفر عن التقليص التدريجي لعجز الميزانية، وبالتالي وضع المالية العمومية في مسار تقليص المديونية في حدود 70 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وأشارت إلى أنه أخذا بعين الاعتبار المجهود المالي الذي تفرضه مختلف الأوراش الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2023، واستحضارا للظرفية الدولية، من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الوطني نموا بنسبة 4 في المائة، مع حصر معدل التضخم في حدود 2 في المائة وعجز الميزانية في 4,5 في المائة.
و أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، أن صندوق المقاصة سيستمر في أداء وظيفته من خلال تخصيص 26 مليار درهم في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2023، وأشارت فتاح العلوي، لدى تقديمها اليوم الخميس للخطوط العريضة لمشروع قانون المالية في جلسة عمومية لمجلسي البرلمان، إلى أن النفقات المخصصة لدعم غاز البوطان، برسم الأشهر التسعة الأولى من سنة 2022، سجلت ارتفاعا بنسبة 70 في المائة، أي بمعدل 97 درهما لكل قنينة من فئة 12 كلغ، ولفتت إلى أنه ي توقع أن ترتفع تكلفة دعم استيراد القمح لهذه السنة لتتجاوز 8,5 مليار درهم، إضافة إلى 1,3 مليار درهم الموجهة لدعم للدقيق الوطني من القمح اللين، مشيرة إلى أن تكاليف المقاصة لهذه السنة ينتظر أن تسجل ارتفاعا بنسبة 72 في المائة، دون احتساب تكاليف دعم مهنيي النقل العمومي.
و أكدت الوزيرة أن الدولة ستتكفل بتكاليف الاشتراك في التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لصالح ما يناهز 4 ملايين أسرة في وضعية هشاشة، من خلال تخصيص ما يناهز 9,5 ملايير درهم، وهو ما سيضمن لهذه الفئات الولوج للمؤسسات الاستشفائية على غرار باقي المستفيدين من التغطية الصحية الإجبارية، وفي نفس الإطار، تضيف المسؤولة الحكومية، ستتم مواكبة تأهيل المنظومة الصحية الوطنية، من خلال تخصيص 4,6 ملايير درهم إضافية، ليبلغ بذلك إجمالي الميزانية المخصصة لقطاع الصحة والحماية الاجتماعية أزيد من 28 مليار درهم.
وأبرزت أن تأهيل المنظومة الصحية يتضمن عدة محاور، في مقدمتها تأهيل الموارد البشرية وتحسين ظروفها المادية، وشروط عملها، مع إعادة النظر في منظومة التكوين، مشيرة إلى أنه سيتم إحداث 5500 منصب مالي مخصص للقطاع الصحي، إلى جانب تخصيص ما يفوق 1,5 مليار درهم لزيادة أجور مهنيي الصحة. ولفتت إلى أن مشروع قانون المالية 2023 يتضمن مواصلة تأهيل العرض الصحي والرفع من جودته، والتوزيع العادل للخدمات الاستشفائية عبر التراب الوطني، مؤكدة أنه سيتم هذه السنة افتتاح عدد من المستشفيات الإقليمية بكل من القنيطرة، وإفران والحسيمة، إضافة لاستكمال إنجاز البرنامج الوطني لتأهيل المراكز الصحية الأولية.
وأكدت أن الحكومة تعتزم إحداث ثلاثة مستشفيات جامعية جديدة بكل من الراشيدية الذي سيتم إطلاق بنائه سنة 2023، ثم بني ملال وكلميم. من جانب آخر، أوضحت فتاح العلوي أن الحكومة، وسعيا منها لتوفير الأدوية لضمان علاج الفئات المعوزة داخل المستشفيات العمومية، تعتزم الرفع من الاعتمادات المالية المخصصة للأدوية إلى حوالي 2 مليار درهم، مضيفة في ذات السياق أن مشروع قانون المالية يقترح الإعفاء من رسم الاستيراد لفائدة مجموعة من الأدوية والمنتجات الصيدلية المعدة خصوصا لعلاج الأمراض المزمنة المكل فة ماديا، إضافة إلى التضريب التدريجي للمنتجات المحتوية على السكر، حفاظا على صحة المواطنين، وفيما يخص الورش المتعلق بتعميم التعويضات العائلية في إطار إصلاح الحماية الاجتماعية، لفتت الوزيرة إلى أن الحكومة ستعمل على الشروع بتنزيله قبل نهاية سنة 2023، حيث سيستفيد منه حوالي 7 ملايين طفل من العائلات الهشة والفقيرة على الخصوص، و3 ملايين أسرة في وضعية هشاشة وبدون أطفال في سن التمدرس، وفيما يتعلق بإصلاح منظومة التربية والتعليم، أفادت المسؤولة الحكومية بأن مشروع قانون المالية الجديد خصص 6,5 مليار درهم إضافية، لتبلغ الميزانية الإجمالية المخصصة للقطاع حوالي 69 مليار درهم، موضحة أنه تم تخصيص م لياري درهم لتسريع تعميم التعليم الأولي، و حوالي 1,8 مليار درهم للرفع من عدد المستفيدين من المطاعم والداخليات، إلى جانب 1,6 مليار درهم لبرنامج الدعم المشروط بالتمدرس “تيسير” الذي سيتم استبداله بالتعويضات العائلية نهاية سنة 2023.
وسعيا للنهوض بوضعية الأساتذة والأطر التربوية، سيتم إحداث ما يفوق 20 ألف منصب مالي، وتسوية متأخرات الترقية، مع إيلاء أهمية كبرى للتكوين الذي سيخصص له ما يقارب 4 ملايير درهم برسم الفترة 2022-2026. كما سيتم بناء 224 مؤسسة تعليمية وإعادة هيكلة 1746 بناية مدرسية.
وأضافت فتاح العلوي أنه سيتم أيضا تخصيص 600 مليون درهم للنهوض بقطاع التعليم العالي وإصلاح الجامعة المغربية، كما خصصت الحكومة، وفقا للوزيرة، ما يناهز 4 ملايير درهم للرفع من الأجور والتعويضات في قطاعات الصحة والتعليم والتعليم العالي، إلى جانب تخفيف العبء الضريبي على الأجراء والمتقاعدين من الطبقة المتوسطة، والذي سيكلف 2,4 مليار درهم. وفيما يتعلق بتيسير الولوج إلى السكن اللائق، أفادت المسؤولة الحكومية بأن الحكومة ،ستعمد إلى إحداث دعم مباشر للأسر لاقتناء السكن، بدل المقاربة القائمة على النفقات الضريبية وتوفير الوعاء العقاري، والتي يصعب تقييم أثرها الاقتصادي والاجتماعي.
كما ستعمل الحكومة على مضاعفة جهودها الرامية إلى تشجيع إدماج الشباب في سوق الشغل، من خلال مواصلة تنزيل برنامج “أوراش” الذي يروم خلق 250 ألف منصب شغل، خلال سنتي 2022 و2023، والذي خصص له مشروع قانون المالية لسنة 2023، ما يناهز 2,25 مليار درهم. هذا فضلا عن مواصلة برنامج “انطلاقة”، إلى جانب برنامج “الفرصة” الذي خصص له هذا المشروع 1,25 مليار درهم، ويتضمن مشروع قانون المالية كذلك، وفق الوزيرة، إحداث 48 ألفا و212 منصبا ماليا مقابل 43 ألفا و860 سنة 2022.